فَاحِشٌ لِمُخَالَفَتِهِ كُتُبَ اللُّغَةِ وَأَسْمَاءِ الرِّجَالِ وَالنُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ وَالْأُصُولِ الْمُعْتَمَدَةِ. (هُوَ الرَّقَاشِيُّ) : بِفَتْحِ الرَّاءِ وَخِفَّةِ قَافٍ
وَشِينٍ مُعْجَمَةٍ، نِسْبَةً إِلَى رَقَاشِ بِنْتِ ضُبَيْعَةَ، كَذَا فِي الْمُغْنِي، وَكَأَنَّ الْعِصَامَ مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ: كَأَنَّهُ مَنْسُوبٌ إِلَى بَنِي رَقَاشٍ مَعَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: رَقَاشِ كَقَطَامِ ; عَلَمٌ لِلنِّسَاءِ. (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ) : مِنَ الْإِكْثَارِ. (دَهْنَ رَأْسِهِ) : وَهُوَ بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْهَاءِ، اسْتِعْمَالُ الدُّهْنِ بِالضَّمِّ. (وَتَسْرِيحَ لِحْيَتِهِ) : هُوَ مَنْصُوبٌ عَطْفًا عَلَى دَهْنِ، وَمَنْ جَرَّهُ بِالْعَطْفِ عَلَى رَأْسِهِ قَدْ أَخْطَأَ، وَالْمُرَادُ تَمْشِيطُهَا وَإِرْسَالُ شَعْرِهَا وَحَلُّهَا بِمَشْطِهَا. ذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِ الْوَفَاءِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَخَذَ مِضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ وُضِعَ لَهُ سِوَاكُهُ وَطَهُورُهُ وَمُشْطُهُ، فَإِذَا هَبَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ اللَّيْلِ اسْتَاكَ وَتَوَضَّأَ وَامْتَشَطَ. وَأَخْرَجَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَمْسٌ لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَعُهُنَّ فِي سِفْرٍ وَلَا حَضَرٍ: الْمِرْآةُ، وَالْمُكْحُلَةُ، وَالْمُشْطُ، وَالْمَدْرَاءُ، وَالسِّوَاكُ. وَفِي رِوَايَةٍ: وَقَارُورَةُ دُهْنٍ، بَدَلَ الْمَدْرَاءِ. وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ لَا يُفَارِقُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِوَاكُهُ وَمُشْطُهُ، وَكَانَ يَنْظُرُ فِي الْمِرْآةِ إِذَا سَرَّحَ لِحْيَتَهُ. هَذَا خُلَاصَةُ مَا قَالَهُ الْعَسْقَلَانِيُّ، وَقَالَ مِيرَكُ: أَوْرَدَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْوَفَاءِ رِوَايَةَ الْخَطِيبِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ التُّرْجُمَانِيِّ قَالَ: ثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عُلْوَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَبْعٌ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتْرُكُهُنَّ فِي سِفْرٍ وَلَا حَضَرٍ: الْقَارُورَةُ، وَالْمُشْطُ، وَالْمِرْآةُ، وَالْمُكْحُلَةُ، وَالسِّوَاكُ، وَالْمِقَصُّ، وَالْمَدْرَاءُ. قُلْتُ لِهُشَامٍ: الْمَدْرَاءُ! مَا بَالُهُ؟ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ وَفْرَةٌ إِلَى شَحْمَةِ أُذُنَيْهِ فَكَانَ يُحَرِّكُهَا بِالْمَدْرَاءِ. وَهُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ: عُودٌ تُدْخِلُهُ الْمَرْأَةُ فِي رَأْسِهَا لِئَلَّا يَنْضَمَّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَالْمِقَصُّ بِكَسْرِ الْمِيمِ: آلَةُ الْقَصِّ، بِمَعْنَى الْمُقَطِّعِ وَهِيَ الْمِقْرَاضُ. (وَيُكْثِرُ الْقِنَاعَ) : أَيْ لُبْسَهُ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، وَلَعَلَّ هَذَا عَلَى وَجْهِ إِعَادَةِ الْعَامِلِ وَهُوَ بِكَسْرِ الْقَافِ وَخِفَّةِ النُّونِ وَفِي آخِرِهِ مُهْمَلَةٌ، خِرْقَةٌ تُلْقَى عَلَى الرَّأْسِ تَحْتَ الْعِمَامَةِ بَعْدَ اسْتِعْمَالِ الدُّهْنِ وِقَايَةً لِلْعِمَامَةِ مِنْ أَثَرِ الدُّهْنِ وَاتِّسَاخِهَا بِهِ، شَبِيهٌ بِقِنَاعِ الْمَرْأَةِ، وَفِي الصِّحَاحِ: هُوَ أَوْسَعُ مِنَ الْمِقْنَعَةِ وَهِيَ الَّتِي تُلْقِي الْمَرْأَةُ فَوْقَ الْمِقْنَعَةِ. قَالَ الْقَاضِي: أَيْ يُكْثِرُ اتِّخَاذَهُ وَاسْتِعْمَالَهُ بَعْدَ الدُّهْنِ. (حَتَّى) : غَايَةٌ لِيُكْثِرَ. (كَأَنَّ) : بِتَشْدِيدِ النُّونِ. (ثَوْبَهُ) : أَيِ الَّذِي كَانَ عَلَى بَدَنِهِ لِإِكْثَارِ دَهْنِهِ وَلِمُلَابَسَتِهِ قِنَاعَهُ. (ثَوْبُ زَيَّاتٍ) : بِفَتْحِ الزَّايِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ، بِصِيغَةِ النِّسْبَةِ، أَيْ: صَانِعِ الزَّيْتِ أَوْ بَائِعِهِ، قِيلَ: الْمُرَادُ بِثَوْبِهِ الْقِنَاعُ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ حَجَرٍ، وَقَالَ الْحَنَفِيُّ: هُوَ الْمُنَاسِبُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، أَيْ لِنَظَافَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَكُونُ ثَوْبُهُ كَثَوْبِ الزَّيَّاتِ. قَالَ الْعِصَامُ: وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ بَعِيدٌ عَنِ السَّوْقِ وَأَنَّ الظَّاهِرَ حِينَئِذٍ كَأَنَّهُ ثَوْبُ زَيَّاتٍ، انْتَهَى. وَالتَّحْقِيقُ مَا ذَكَرَهُ مِيرَكُ شَاهْ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي شَرْحِهِ: قَالَ الشَّيْخُ الْجَزَرِيُّ: الرَّبِيعُ بْنُ صُبَيْحٍ كَانَ عَابِدًا وَلَكِنَّهُ ضَعِيفٌ فِي الْحَدِيثِ، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ عَابِدًا وَلَمْ يَكُنِ الْحَدِيثُ مِنْ صِنَاعَتِهِ فَوَقَعَ فِي حَدِيثِهِ الْمَنَاكِيرُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُ. قُلْتُ: وَمِنْ مَنَاكِيرِهِ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: كَأَنَّ ثَوْبَهُ ثَوْبُ زَيَّاتٍ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَنْظَفَ النَّاسِ ثَوْبًا وَأَحْسَنَهُمْ هَيْئَةً وَأَجْمَلَهُمْ
سَمْتًا. وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا عَلَيْهِ ثِيَابٌ وَسِخَةٌ فَقَالَ: «أَمَّا كَانَ يَجِدُ هَذَا مَا يَغْسِلُ بِهِ ثَوْبَهُ» . وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَصْلِحُوا ثِيَابَكُمْ حَتَّى تَكُونُوا كَالشَّامَةِ بَيْنَ النَّاسِ» . انْتَهَى كَلَامُ الشَّيْخِ. وَقَالَ الشَّيْخُ جَلَالُ الدِّينِ الْمُحَدِّثُ: يَعْنِي الْقَايِنِيَّ شَرِيكَ السَّيِّدِ أَصِيلِ الدِّينِ الْمُحَدِّثِ فِي الْحَدِيثِ: الْمُرَادُ بِهَذَا الثَّوْبِ الْقِنَاعُ الْمَذْكُورُ الَّذِي يُسْتَرُ بِهِ الرَّأْسُ لَا قَمِيصُهُ أَوْ رِدَاؤُهُ أَوْ عِمَامَتُهُ. أَقُولُ: وَمِمَّا يُؤَيِّدُهُ مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ حَتَّى كَاأَنَّ مِلْحَفَتَهُ مِلْحَفَةُ زَيَّاتٍ. أَوْرَدَهُ الذَّهَبِيُّ فِي تَرْجَمَةِ الْحَسَنِ بْنِ دِينَارٍ، وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ التَّمِيمِيُّ السَّلِيطِيُّ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ، وَهُوَ يَرْوِيهِ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ. وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ تَقْوِيَةُ الرَّبِيعِ بْنِ صُبَيْحٍ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ وَثَّقَهُ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ، قَالَ: أَبُو زُرْعَةَ صَدُوقٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَهُ أَحَادِيثُ صَالِحَةٌ مُسْتَقِيمَةٌ، وَلَمْ أَرَ لَهُ حَدِيثًا مُنْكِرًا جِدًّا وَأَرْجُو أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَبِرِوَايَتِهِ، انْتَهَى. وَقَدْ وَجَدْتُ لَهُ مُتَابِعًا عِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ، أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ الْعَبْدِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبَانَ، عَنْ أَنَسٍ بِلَفْظِ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ التَّقَنُّعَ بِثَوْبٍ حَتَّى كَأَنَّ ثَوْبَهُ ثَوْبُ زَيَّاتٍ أَوْ دِهَانٍ. فَظَهَرَ أَنَّ الرَّبِيعَ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ، فَإِذَا حَمَلْنَا الثَّوْبَ عَلَى الْمِلْحَفَةِ الَّتِي تُوضَعُ عَلَى الرَّأْسِ تَحْتَ الْعِمَامَةِ لِوِقَايَةِ الْعِمَامَةِ وَالثِّيَابِ عَنِ الدُّهْنِ لَمْ يَكُنْ مُنَافِيًا لِنَظَافَةِ ثَوْبِهِ مِنْ رِدَاءٍ أَوْ قَمِيصٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. انْتَهَى كَلَامُ مِيرَكَ، وَسَبَقَهُ شَارِحُ الْمَصَابِيحِ، وَزَيَّفَ كَوْنَهُ مُنَكَّرًا بِإِيرَادِ الْبَغْوَيِّ إِيَّاهُ فِي الْمَصَابِيحِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِضَعْفِهِ، وَكَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute