خَضَبَ، وَسَيَأْتِي بَسْطُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ. (قَالَ أَبُو عِيسَى، وَرَوَى أَبُو عَوَانَةَ) : بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَهُوَ الْوَضَّاحُ الْوَاسِطِيُّ الْبَزَّارُ، رَوَى عَنْهُ السِّتَّةُ. (هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ، فَقَالَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ) : قَالَ الْعِصَامُ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ قَالَ بَدَلَ «أَبِي هُرَيْرَةَ» ، «عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ» . وَفِي الشَّرْحِ لَيْسَ الْمُرَادُ هَذَا الظَّاهِرَ بَلِ الْمُرَادُ أَنَّهُ جَاءَ خِضَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَ تَرْكِ الظَّاهِرِ بَلْ ذَكَرَ مَا لَا يَقْتَضِي الْعُدُولَ عَنِ الظَّاهِرِ. قُلْتُ: وَجْهُهُ يَتَبَيَّنُ مِنْ كَلَامِ مِيرَكَ حَيْثُ وَجَدْتُ بِخَطِّهِ فِي هَامِشِ نُسْخَةِ أَصْلِهِ قَالَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ مِنْ سَنَدِ أَبِي عَوَانَةَ بَيَانُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَوْهَبٍ رَوَى الْحَدِيثَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَيْضًا فَفِيهِ تَقْوِيَةٌ وَتَقْرِيرٌ لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بَيَانُ وَهْمِ شَرِيكٍ بِقَوْلِهِ «سُئِلَ أَبُو هُرَيْرَةَ» وَأَنَّ الْخَبَرَ مَرْوِيٌّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ أَكْثَرِ الطُّرُقِ الْمَرْوِيَّةِ لِهَذَا الْحَدِيثِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى. فَالشَّارِحُ اخْتَارَ الشِّقَّ الثَّانِي، وَالْعِصَامُ وَقَعَ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ، فَوَقَعَ بَيْنَهُمَا الْمَشَاقُّ، وَحَصَلَ بِهَذَا النَّقْلِ وَجْهُ الْوِفَاقِ، ثُمَّ رَأَيْتُ مِيرَكَ بَسَطَ فِي شَرْحِهِ بِتَأْيِيدِ هَذَا الْمَقَالِ فَقَالَ: وَيُؤَيِّدُ هَذَا الِاحْتِمَالَ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَأَحْمَدُ وَمِنْ طَرِيقِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْوَفَاءِ وَابْنُ سَعْدٍ قَالَا: سَمِعْنَا مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَأَخْرَجَتْ شَعْرًا مِنْ شَعْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخْضُوبًا. هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ، وَزَادَ ابْنُ مَاجَهْ وَأَحْمَدُ «بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ» ، وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ قَالَ: كَانَ مَعَ أُمِّ سَلَمَةَ مِنْ شَعْرِ لِحْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فِيهِ أَثَرُ الْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. وَلِابْنِ سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ نُصَيْرِ بْنِ أَبِي الْأَشْعَثِ عَنِ ابْنِ مَوْهَبٍ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَرَتْهُ شَعْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْمَرَ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمَّا أَرَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ الشَّعْرَ مَخْضُوبًا سَأَلَ مِنْهَا: هَلْ خَضَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ. وَلَمْ يُخَرِّجِ ابْنُ سَعْدٍ وَلَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ رِوَايَةَ أَبِي هُرَيْرَةَ مَعَ أَنَّهُمَا اسْتَوْعَبَا طُرُقَ أَخْبَارِ مَنْ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ بِخِضَابِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الشَّيْخُ ابْنُ حَجَرٍ يَعْنِي الْعَسْقَلَانِيَّ بِرِوَايَتِهِ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ بَلْ لَمْ يَرِدْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفَ بِإِيرَادِ طَرِيقِ أَبِي عَوَانَةَ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ رِوَايَةَ شَرِيكٍ شَاذَّةٌ بَلْ مُنْكَرَةٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَارُونَ) : أَيِ الْبَلْخِيُّ الْعَابِدُ، أَخْرَجَ حَدِيثَهُ النَّسَائِيُّ فِي كِتَابِهِ. (أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ زُرَارَةَ) : بِزَايٍ مَضْمُومَةٍ وَرَائِينَ، أَبُو الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ، نَزِيلُ بَلْخَ مَسْتُورٌ. (عَنْ أَبِي جَنَابٍ) : بِجِيمٍ مَفْتُوحَةٍ فَنُونٍ مُخَفَّفَةٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ، وَهُوَ الصَّوَابُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِيرَكُ وَغَيْرُهُ، وَفِي نُسْخَةٍ بِمُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ فَمُوَحَّدَةٍ مُشَدَّدَةٍ، قَالَ مِيرَكُ: وَهُوَ غَلَطٌ. وَفِي أُخْرَى بِمُهْمَلَةٍ مَضْمُومَةٍ فَمُوَحَّدَةٍ مُخَفَّفَةٍ، وَفِي أُخْرَى بِفَتْحِ مُهْمَلَةٍ فَتَشْدِيدِ مُوَحَّدَةٍ، وَهُوَ مُحَدِّثٌ مَشْهُورٌ رُبَّمَا ضَعَّفُوهُ لِكَثْرَةِ تَدْلِيسِهِ، أَخْرَجَ حَدِيثَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. (عَنْ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ) : مَرَّ ذِكْرُهُ. (عَنِ الْجَهْذَمَةِ) : بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْهَاءِ وَفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا مِيمٌ. (امْرَأَةُ بَشِيرِ) : بِفَتْحِ أَوَّلِهِ عَلَى وَزْنِ بَدِيعٍ، وَفِي نُسْخَةٍ بِكَسْرِ مُوَحَّدَةٍ وَسُكُونِ شِينٍ
مُعْجَمَةٍ، قَالَ مِيرَكُ: وَهُوَ سَهْوٌ وَغَلَطٌ. (بْنِ الْخَصَاصِيَةِ) : بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَبِصَادَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ وَتَخْفِيفِ التَّحْتِيَّةِ، وَالتَّشْدِيدُ فِيهَا لَحْنٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فَعَالِيَّةٌ بِالتَّشْدِيدِ وَإِنَّمَا هُوَ بِالتَّخْفِيفِ كَكَرَاهِيَةٍ وَعَلَانِيَةٍ وَطَوَاعِيَةٍ، كَذَا نُقِلَ عَنِ الشَّيْخِ مَجْدِ الدِّينِ الْفَيْرُوزَابَادِيِّ، وَزَآبَادِي رَدًّا عَلَى ابْنِ الْأَثِيرِ وَغَيْرِهِ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ مِنْ أَوْزَانِ الْمَصْدَرِ، وَتَعَقَّبَهُ الْعِصَامُ بِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدِ الْخَصَاصِيَةُ مَصْدَرًا، وَإِنَّمَا وُجِدَ الْخَصَاصُ وَالْخَصَاصَةُ بِمَعْنَى الْفَقْرِ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ تَكُونَ الْيَاءُ لِلنِّسْبَةِ فَتَكُونُ مُشَدَّدَةً فَالتَّعْوِيلُ عَلَى النَّقْلِ لَا عَلَى الْعَقْلِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute