للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومثل هذا لا يجوز الاحتجاجُ به باتفاق أهل العلم، فضلًا عن أن تعارَض به الأحاديثُ الصحيحة الثابتة المستفيضة التي لا يمكن دفعُها، التي هي متواترة تواترًا خاصًّا عند أهل الحديث، يقطعون بها أعظم من قَطْع أتْباع الأئمة بما اشتهر من فتاوى أئمتهم بكثير؛ إذ توفُّر هِمم الصحابة والتابعين ومن بعدهم على نقلها وإظهارها وبثِّها في الأمة، وحرصهم على ذلك أعظم من توفّر هِمم أتْباع الأئمة على نقل فتاويهم وبثّها وإظهارها في الأمة، بما لا نسبةَ بينهما، فإذا جاز [ق ٣٣] أن يقال: مذهب أبي حنيفة ترك رفع اليدين عند الركوع والرّفع منه، ومُستند هذه الإضافة نقل ثلاثة أو أربعة عنه، فلا يشكّ أصحابُه أنَّ هذا مذهبه وقوله، فكيف بالنقل المستفيض المتواتر عند أهل العلم بالحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بالرفع؟ فأين النقلُ من النقل، والكثرةُ من الكثرة، والاستفاضةُ من الاستفاضة؟!

قال البخاري (١): ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعله وروايته عن أصحابه. يُروى عن سبعة عشر نفسًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم كانوا يرفعون أيديهم عند الركوع ... وعدَّهم.

ثم قال: وقال الحسن وحُمَيد بن هلال: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرفعون أيديهم. فلم يستثن أحدًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - دون أحد، ولم يثبت عند أحدٍ من أهل العلم عن أحدٍ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يرفع يديه.


(١) «رفع اليدين» (ص/٢٠ - ٣٣). باختصار وتصرف. وأول الكلام عنه هكذا: «ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من فعله وقوله ومن فعل أصحابه وروايتهم كذلك .. ».