للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٦٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْأَشْقَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ يَقُولُ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الْأَعْلَى، يَقُولُ: قَالَ لِي الشَّافِعِيُّ: الْإِجْمَاعُ أَكْثَرُ مِنَ الْخَبَرِ الْمُنْفَرِدِ، وَلَيْسَ الشَّاذُّ مِنَ الْحَدِيثِ أَنْ يَرْوِي الثِّقَةُ مَا لَا ⦗١٤٤⦘ يَرْوِي غَيْرُهُ، هَذَا لَيْسَ بِشَاذٍّ، إِنَّمَا الشَّاذُّ أَنْ يَرْوِيَ الثِّقَةُ حَدِيثًا يُخَالِفُ مَا رَوَى النَّاسُ فَهُوَ الشَاذٌّ مِنَ الْحَدِيثِ

١٧٠ - قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ مَعْرِفَةِ صَحِيحِ الْحَدِيثِ مِنْ سَقِيمِهِ لَا يُعْرَفُ بِعَدَالَةِ الرُّوَاةِ وَجَرْحِهِمْ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ بِكَثْرَةِ السَّمَاعِ، وَمُجَالَسَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَمُذَاكَرَتِهِمْ، وَالنَّظَرِ فِي كُتُبِهِمْ، وَالْوُقُوفِ عَلَى رِوَايَتِهِمْ حَتَّى إِذَا شَذَّ مِنْهَا حَدِيثٌ عَرَفَهُ.

١٧١ - وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَهُوَ أَحَدُ أَئِمَّةِ هَذَا الشَّأْنِ، وَلِأَجْلِهِ صَنَّفَ الشَّافِعِيُّ كِتَابَ الرِّسَالَةِ، وَإِلَيْهِ أَرْسَلَهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: كَيْفَ تَعْرِفُ صَحِيحَ الْحَدِيثِ مِنْ خَطَئِهِ؟ قَالَ: كَمَا يَعْرِفُ الطَّبِيبُ الْمَجْنُونَ.

١٧٢ - وَقَالَ مَرَّةً: أَرَأَيْتَ لَوْ أَتَيْتَ النَّاقِدَ فَأَرَيْتَهُ دَرَاهِمَكَ فَقَالَ: هَذَا جَيِّدٌ، وَقَالَ: هَذَا بَهْرَجٌ، أَكُنْتَ تَسْأَلُ عَمَّ ذَلِكَ، أَوْ كُنْتَ تُسَلِّمُ الْأَمْرَ لَهُ؟ قَالَ: بَلْ كُنْتُ أُسَلِّمُ الْأَمْرَ لَهُ قَالَ: فَهَذَا كَذَلِكَ، لِطُولِ الْمُجَالَسَةِ وَالْمُنَاظَرَةِ وَالْخِبْرَةِ

١٧٣ - قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ: وَقَدْ يَزِلُّ الصَّدُوقُ فِيمَا يَكْتُبُهُ، فَيَدْخُلُ لَهُ حَدِيثٌ فِي حَدِيثٍ، فَيَصِيرُ حَدِيثٌ رُوِيَ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ مُرَكَّبًا عَلَى إِسْنَادٍ صَحِيحٍ،

١٧٤ - وَقَدْ يَزِلُّ الْقَلَمُ وَيُخْطِئُ السَّمْعَ، وَيَخُونُ الْحِفْظَ، فَيَرْوِي الشَّاذَّ مِنَ الْحَدِيثِ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ، فَيَعْرِفُهُ أَهْلُ الصَّنْعَةِ الَّذِينَ قَيَّضَهُمُ اللَّهُ لِحِفْظِ سُنَنِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عِبَادِهِ،

١٧٥ - وَهُوَ كَمَا قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَوْلَا الْجَهَابِذَةُ لَكَثُرَتِ السُّتُّوقَةُ وَالزِّيُوفُ فِي رِوَايَةِ الشَّرِيعَةِ ⦗١٤٥⦘،

١٧٦ - فَمَتَى أَحْبَبْتَ فَهَلُمَّ حَتَّى أَعْزِلَ لَكَ مِنْهُ نَقْدَ بَيْتِ الْمَالِ، أَمَا تَحْفَظُ قَوْلَ شُرَيْحٍ: إِنَّ لِلْأَثَرِ جَهَابِذَةً كَجَهَابِذَةِ الْوَرِقِ،

١٧٧ - أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ الْقَاضِي قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْعَلَاءِ الْجُرْجَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، فَذَكَرَهُ فِي حِكَايَةٍ ذَكَرَهَا.

١٧٨ - وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا نَسْمَعُ الْحَدِيثَ فَنَعْرِضُهُ عَلَى أَصْحَابِنَا كَمَا يُعْرَضُ الدِّرْهَمُ الزَّيْفُ، فَمَا عَرَفُوا مِنْهُ أَخَذْنَا، وَمَا أَنْكَرُوا تَرَكْنَا.

١٧٩ - قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ: وَفِي مِثْلِ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرَدَ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا - وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى إِثْمًا - أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ»

١٨٠ - وَرُوِّينَا أَيْضًا عَنْ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِنْ قَوْلِهِمَا،

١٨١ - وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: لَيْسَ يَسْلَمُ رَجُلٌ يُحَدِّثُ بِكُلِّ مَا سَمِعَ، وَلَا يَكُونُ إِمَامًا أَبَدًا وَهُوَ يُحَدِّثُ بِكُلِّ مَا سَمِعَ

١٨٢ - قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ: وَفِي هَذَا مَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لِصَاحِبِ الْحَدِيثِ أَنْ يُمْسِكَ عَنْ رِوَايَةِ الْمَنَاكِيرِ، وَيَقْتَصِرَ عَلَى رِوَايَةِ الْمَعْرُوفِ، وَيَتَوَقَّى فِيهَا وَيَجْتَهِدَ حَتَّى تَكُونَ رِوَايَتُهُ عَلَى الْإِثْبَاتِ وَالصِّحَّةِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>