للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٣٩٩٦ - وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ «إِذَا هَاجَرَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْحَرْبِ لَمْ تُخْطَبْ حَتَّى تَحِيضَ وَتَطهُرَ، فَإِذَا طَهُرَتْ حَلَّ لَهَا النِّكَاحُ، فَإِنْ هَاجَرَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ رُدَّتْ إِلَيْهِ»

١٣٩٩٧ - وَهَذَا الْمَذْهَبُ يُوَافِقُ مَا رَوَى هُوَ فِي شَأْنِ أَبِي الْعَاصِ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ مَقْصُودَهُ بِمَا رَوَى أَيُّوبُ مَا ذَكَرْنَا مَعَ مَا فِيهِ مِنْ بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ كَانَ يَرَى قَطْعَ الْعِصْمَةِ بِنَفْسِ الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ،

١٣٩٩٨ - وَمَنِ ادَّعَى النَّسْخَ فِي حَدِيثِ أَبِي الْعَاصِ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ، وَحِينَ أُسِرَ يَوْمَ بَدْرٍ لَمْ يُسْلِمْ وَإِنَّمَا أَسْلَمَ بَعْدَمَا أَحْدَثَ سَرِيَّةَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ مَا مَعَهُ قُتِلَ أَبُو نُصَيْرٍ فَأَتَى الْمَدِينَةَ فَأَجَارَتْهُ زَيْنَبُ فَأَنْفَذْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِوَارَهَا وَدَخَلَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: «أَكْرِمِي مَثْوَاهُ وَلَا يَخْلُصْ إِلَيْكِ فَإِنَّكِ لَا تَحِلِّينَ لَهُ»، فَكَانَ هَذَا بَعْدَ نُزُولِ آيَةِ الِامْتِحَانِ فِي الْهُدْنَةِ، ثُمَّ إِنَّهُ رَجَعَ بِمَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ بَضَائِعِ أَهْلِ مَكَّةَ إِلَى مَكَّةَ، ثُمَّ أَسْلَمَ وَخَرَجَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَكَيْفَ يَصِحُّ مَا رَوَى فِيهِ هَذَا الْمُدَّعِي عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ أُخِذَ أَسِيرًا يَوْمَ بَدْرٍ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ ابْنَتَهُ وَكَانَ هَذَا قَبْلَ نُزُولِ الْفَرَائِضِ؟

١٣٩٩٩ - قَالَ أَحْمَدُ: وَإِنَّمَا الْحَدِيثُ فِي قِصَّةِ بَدْرٍ أَنَّهُ أَطْلَقَهُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِ ابْنَتَهُ وَذَاكَ أَنَّ ابْنَتَهُ كَانَتْ بِمَكَّةَ، فَلَمَّا أُسِرَ أَبُو الْعَاصِ بَعْدَ بَدْرٍ أَطْلَقَهُ عَلَى أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْهِ ابْنَتَهُ فَفَعَلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَهُ بِزَمَانٍ، هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَغَازِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ ⦗١٤٥⦘،

١٤٠٠٠ - وَمَا رَوَاهُ فِي ذَلِكَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَقَتَادَةَ، مُنْقَطِعٌ، وَالَّذِي حَكَاهُ عَنْ بَعْضِ أَكَابِرِهِمْ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رَدِّ ابْنَتِهِ عَلَى أَبِي الْعَاصِ، بِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو عَلِمَ بِتَحْرِيمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ رُجُوعَ الْمُؤْمِنَاتِ إِلَى الْكُفَّارِ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِنْدَهُ إِلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ، فَقَالَ: رَدَّهَا عَلَيْهِ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَلَمْ يَعْلَمِ ابْنُ عَبَّاسٍ بِتَحْرِيمِ اللَّهِ الْمُؤْمِنَاتِ عَلَى الْكُفَّارِ حِينَ عَلِمَ بِرَدِّ زَيْنَبَ عَلَى أَبِي الْعَاصِ فَقَالَ: رَدَّهَا بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ بَيْنَهُمَا فَسْخُ نِكَاحٍ،

١٤٠٠١ - فَلَعَمْرِي إِنَّ هَذَا لَسُوءُ ظَنٍّ بِالصَّحَابَةِ وَرُوَاةِ الْأَخْبَارِ حَيْثُ نَسَبَهُمْ إِلَى أَنَّهُمْ يَرْوونَ الْحَدِيثَ عَلَى مَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ لَهُ مِنْ أَحَدٍ، وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو لَمْ يُثْبِتْهُ أَحَدٌ مِنَ الْحُفَّاظِ،

١٤٠٠٢ - وَلَوْ كَانَ ثَابِتًا فَالظَّنُّ بِهِ أَنَّهُ لَا يَرْوِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقْدَ نِكَاحٍ لَمْ يُثْبِتْهُ لِشُهُوَدِهِ أَوْ شُهُوَدِ مَنْ يَثِقُ بِهِ، وَابْنُ عَبَّاسٍ لَا يَقُولُ رَدَّهَا عَلَيْهِ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُحْدِثْ شَيْئًا وَهُوَ لَا يُحِيطُ عِلْمًا بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَنْ يَثِقُ بِهِ بِكَيْفِيَّةِ الرَّدِّ، وَكَيْفَ يَشْتَبِهُ عَلَى مِثْلِهِ نُزُولُ الْآيَةِ فِي الْمُمْتَحَنَةِ قَبْلَ رَدِّهِ ابْنَتَهُ عَلَى أَبِي الْعَاصِ وَإِنِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصِغَرِهِ أَفَيَشْتَبِهُ عَلَيْهِ وَقْتُ نُزُولِهَا حِينَ رَوَى هَذَا الْخَبَرَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ عَلِمَ مَنَازِلَ الْقُرْآنِ وَتَأوِيلِهِ؟ هَذَا أَمْرٌ بَعِيدٌ،

١٤٠٠٣ - وَلَوْ صَحَّ الْحَدِيثَانِ لَقُلْنَا بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو؛ لِأَنَّهُ زَائِدٌ فَلَمَّا وَجَدْنَا حُفَّاظَ الْحَدِيثِ لَا يُثْبِتُونَهُ تَرَكْنَاهُ، وَقُلْنَا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَعَ مَا سَبَقَ ذِكْرَهُ مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمَغَازِي فِي أَمْرِ أَبِي سُفْيَانَ وَغَيْرِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ،

١٤٠٠٤ - فَإِنْ زَعَمَ قَائِلٌ أَنَّ فِيَ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: رَدَّهَا عَلَيْهِ بَعْدَ سِتِّ سِنِينَ وَفِي رِوَايَةٍ سَنَتَيْنِ وَالْعِدَّةُ لَا تَبْقَى فِي الْغَالِبِ إِلَى هَذِهِ الْمُدَّةَ قُلْنَا: النِّكَاحُ كَانَ ثَابِتًا إِلَى وَقْتِ نُزُولِ الْآيَةِ فِي الْمُمْتَحَنَةِ لَمْ يُؤْثَرْ إِسْلَامُهَا وَبَقَاؤُهُ عَلَى الْكُفْرِ فِيهِ، فَلَمَّا نَزَلَتِ الْآيَةُ وَذَلِكَ بَعْدَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ تَوَقَّفَ نِكَاحُهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ثُمَّ ⦗١٤٦⦘ كَانَ إِسْلَامُ أَبِي الْعَاصِ بَعْدَ ذَلِكَ بِزَمَانٍ يَسِيرٍ بِحَيْثُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عِدَّتُهَا لَمْ تَنْقَضِ فِي الْغَالِبِ، فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الرَّدُّ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ كَانَ لِأَجَلِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ،

١٤٠٠٥ - وَصَاحِبُنَا إِنَّمَا اعْتَمَدَ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا نَقَلَهُ أَهْلُ الْمَغَازِي فِي أَمْرِ أَبِي سُفْيَانَ وَغَيْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>