١٩٩٤٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ مُعَاذُ بْنُ مُوسَى الْجَعْفَرِيُّ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ قَالَ بُكَيْرٌ: قَالَ مُقَاتِلٌ: أَخَذْتُ هَذَا التَّفْسِيرَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَالْحَسَنِ وَالضَّحَّاكِ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ} [المائدة: ١٠٦] مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ، أَنَّ " رَجُلَيْنِ نَصْرَانِيَّيْنِ مِنْ أَهْلِ دَارَيْنِ: أَحَدُهُمَا تَمِيمِيٌّ أَوْ قَالَ: تَمِيمٌ، وَالْآخَرُ يَمَانِيٌّ صَحِبَهُمَا مَوْلًى لِقُرَيْشٍ فِي تِجَارَةٍ، فَرَكِبُوا الْبَحْرَ، وَمَعَ الْقُرَشِيِّ مَالٌ مَعْلُومٌ قَدْ عَلِمَهُ أَوْلِيَاؤُهُ مِنْ بَيْنِ آنِيَةٍ وَبَزٍّ وَرِقَّةٍ، فَمَرِضَ الْقُرَشِيُّ، فَجَعَلَ وَصِيَّتَهُ إِلَى الدَّارِيَّيْنِ، فَمَاتَ، وَقَبَضَ الدَّارِيَّانِ الْمَالَ وَالْوَصِيَّةَ، فَدَفَعَاهُ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ، وَجَاءَا بِبَعْضِ مَالِهِ، فَأَنْكَرَ الْقَوْمُ قِلَّةَ الْمَالِ، فَقَالُوا لِلدَّارِيَّيْنِ: إِنَّ صَاحِبَنَا قَدْ خَرَجَ مَعَهُ بِمَالٍ أَكْثَرَ مِمَّا أَتَيْتُمُونَا بِهِ فَهَلْ بَاعَ شَيْئًا أَوِ اشْتَرَى شَيْئًا فَوَضَعَ فِيهِ؟ أَوْ هَلْ طَالَ مَرَضُهُ فَأَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ؟ قَالَا: لَا، قَالُوا: فَإِنَّكُمَا خُنْتُمُونَا، فَقَبَضُوا الْمَالَ، وَرَفَعُوا أَمَرَهُمْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} [المائدة: ١٠٦] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَلَمَّا نَزَلَتْ: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ} [المائدة: ١٠٦] أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَا بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَحَلَفَا بِاللَّهِ رَبِّ السَّمَوَاتِ مَا تَرَكَ مَوْلَاكُمْ مِنَ الْمَالِ إِلَّا مَا أَتَيْنَاكُمْ بِهِ، وَإِنَّا لَا نَشْتَرِي بِأَيْمَانِنَا ثَمَنًا قَلِيلًا مِنَ الدُّنْيَا {وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ} [المائدة: ١٠٦]، فَلَمَّا حَلَفَا خَلَّى سَبِيلَهُمَا، ثُمَّ إِنَّهُمْ وَجَدُوا بَعْدَ ذَلِكَ إِنَاءً مِنْ آنِيَةِ الْمَيِّتِ، فَأَخَذُوا الدَّارِيَّيْنِ، فَقَالَا: اشْتَرَيْنَاهُ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ، وَكَذَبَا، فَكُلِّفَا الْبَيِّنَةَ فَلَمْ يَقْدِرَا عَلَيْهَا، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ⦗٢٨٠⦘، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا} [المائدة: ١٠٧]- يَعْنِي الدَّارِيَّيْنِ - كَتَمَا حَقًّا {فَآخَرَانِ} [المائدة: ١٠٧] مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ {يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} [المائدة: ١٠٧]، فَيَحْلِفَانِ بِاللَّهِ مَالُ صَاحِبِنَا كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَأَنَّ الَّذِي نَطْلُبُ قِبَلَ الدَّارِيَّيْنِ لَحَقٌّ {وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: ١٠٧] "
١٩٩٤٤ - فَهَذَا قَوْلُ الشَّاهِدَيْنِ أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا} [المائدة: ١٠٨]- يَعْنِي الدَّارِيَّيْنِ - وَالنَّاسَ أَنْ يَعُودُوا لِمِثْلِ ذَلِكَ
١٩٩٤٥ - قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَعْنِي مَنْ كَانَ فِي مِثْلِ حَالِ الدَّارِيَّيْنِ مِنَ النَّاسِ، وَلَا أَعْلَمُ الْآيَةَ تَحْتَمِلُ مَعْنًى غَيْرَ جُمْلَةِ مَا قَالَ،
١٩٩٤٦ - ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ، وَقَالَ فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ: إِنَّمَا مَعْنَى {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} [المائدة: ١٠٦]: أَيْمَانُ بَيْنِكُمْ، كَمَا سُمِّيَتْ أَيْمَانُ الْمُتَلَاعِنِينَ شَهَادَةً، وَاسْتُدِلَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّا لَا نَعْلَمُ الْمُسْلِمِينَ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى شَاهِدٍ يَمِينٌ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ أَوْ رُدَّتْ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِجْمَاعُهُمْ خِلَافًا لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
١٩٩٤٧ - قَالَ أَحْمَدُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمِ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: ١٠٦]، الشَّهَادَةَ نَفْسَهَا وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لِلْمُدَّعِينَ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَشْهَدَانِ لَهُمْ بِمَا ادَّعَوْا عَلَى الدَّارِيَّيْنِ مِنَ الْخِيَانَةِ، ثُمَّ قَالَ: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: ١٠٦] يَعْنِي: إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِينَ مِنْكُمْ بَيِّنَةٌ فَالدَّارِيَّانِ اللَّذَانِ ادَّعَيَا عَلَيْهِمَا ⦗٢٨١⦘ يُحْبَسَانِ مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ: - يَعْنِي يَحْلِفَانِ - عَلَى إِنْكَارِ مَا ادُّعِيَ عَلَيْهِمَا عَلَى مَا حَكَاهُ مُقَاتِلٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ،
١٩٩٤٨ - وَهَذَا بَيِّنٌ وَأَصَحُّ وَقَدْ ثَبُتَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مَعْنَى مَا قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ، لَا أَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْ فِي حَدِيثِهِ دَعْوَى تَمِيمٍ، وَعَدِيٍّ أَنَّهُمَا اشْتَرَيَاهُ، وَحَفِظَهُ مُقَاتِلٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute