١٩٩٣١ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَفِي قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ. . .} [البقرة: ٢٨٢] إِلَى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: ٢٨٢]، " وَقَوْلِ اللَّهِ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢]، دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا عَنَى الْمُسْلِمِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ "،
١٩٩٣٢ - وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ: فَلَمَّا كَانَ الشُّهُودُ مِنَّا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْضَى بِشَهَادَةِ شُهُودٍ مِنْ غَيْرِنَا،
١٩٩٣٣ - ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَرُدَّ شَهَادَةَ مُسْلِمٍ بِأَنْ نَعْرِفَهُ يَكْذِبُ عَلَى بَعْضِ الْآدَمِيِّينَ، وَيُجِيزُ شَهَادَةَ ذِمِّيٍّ وَهُوَ يَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى؟ قَالَ: وَالْمَمَالِيكُ، الْعُدُولُ، وَالْمُسْلِمُونَ الْأَحْرَارُ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا عُدُولًا خَيْرٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَكَيْفَ أُجِيزُ شَهَادَةَ الَّذِي هُوَ شَرٌّ، وَأَرُدُّ شَهَادَةَ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ بِلَا كِتَابٍ، وَلَا سُنَّةٍ، وَلَا أَثَرٍ، وَلَا أَمْرٍ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ عَوَامُّ الْفُقَهَاءِ، وَمَنْ أَجَازَ شَهَادَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَأَعْدَلُهُمْ عِنْدَهُمْ أَعْظَمُهُمْ بِاللَّهِ شِرْكًا، أَسْجَدُهُمْ لِلصَّلِيبِ، وَأَلْزَمُهُمْ لِلْكَنِيسَةِ
١٩٩٣٤ - قَالَ: فَقَالَ لِي قَائِلٌ: إِنَّ شُرَيْحًا أَجَازَ شَهَادَتَهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَقُلْتُ لَهُ: أَرَأَيْتَ شُرَيْحًا قَدْ قَالَ قَوْلًا لَا مُخَالِفَ لَهُ فِيهِ مِثْلَهُ، وَلَا كِتَابَ فِيهِ يَكُونُ قَوْلُهُ حُجَّةً؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَكَيْفَ تَحْتَجُّ عَلَى الْكِتَابِ؟ ثُمَّ عَلَى دَارِ السُّنَّةِ وَالْهِجْرَةِ، وَعَلَى مُخَالِفِينَ لَهُ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْهِجْرَةِ وَالسُّنَّةِ؟ ⦗٢٧٨⦘
١٩٩٣٥ - قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَقَدْ أَجَازَ شُرَيْحٌ شَهَادَةَ الْعَبْدِ، فَقَالَ لَهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ: أَتُجِيزُ عَلَيَّ شَهَادَةَ عَبْدٍ؟ فَقَالَ: قُمْ كُلُّكُمْ بَنُو عَبِيدٍ، وَإِمَاءٍ، وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ بِعَيْنِهَا بَيَانُ الْحُرِّيَةِ، وَهِيَ مُحْتَمَلَةٌ لَهَا، وَفِي الْآيَةِ بَيَانُ شَرْطِ الْإِسْلَامِ، فَلِمَ وَافَقَ شُرَيْحًا مَرَّةً، وَخَالَفَهُ أُخْرَى؟
١٩٩٣٦ - قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِنَا عَنِ ابْنِ سَعِيدٍ، وَإِنِ احْتَجَّ مَنْ تُجِيزُ شَهَادَتَهُمْ بِقَوْلِ اللَّهِ: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: ١٠٦]، فَقَالَ: مِنْ غَيْرِ أَهْلِ دِينِكُمْ فَكَيْفَ لَمْ يُجِزْهَا فِيمَا ذُكِرَتْ فِيهِ مِنَ الْوَصِيَّةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي السَّفَرِ، وَكَيْفَ لَمْ يُجِزْهَا مِنْ جَمِيعِ الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ غَيْرُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ؟ وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ
١٩٩٣٧ - قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ سَمِعْتُ مَنْ يَتَأَوَّلُ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِكُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَيَحْتَجُّ فِيهَا بِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لِمِنَ الْآثِمِينَ} [المائدة: ١٠٦]، فَيَقُولُ: الصَّلَاةُ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمُونَ يَتَأَثَّمُونَ مِنْ كِتْمَانِ الشَّهَادَةِ، فَأَمَّا الْمُشْرِكُونَ فَلَا صَلَاةَ لَهُمْ قَائِمَةً، وَلَا يَتَأَثَّمُونَ مِنْ كِتْمَانِ الشَّهَادَةِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَا عَلَيْهِمْ
١٩٩٣٨ - قَالَ: وَقَدْ سَمِعْتُ مَنْ يَذْكُرُ أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِ اللَّهِ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] وَاللَّهُ أَعْلَمُ
١٩٩٣٩ - قَالَ أَحْمَدُ: أَمَّا مَا سُمِعَ فِيهَا مِنَ التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ، فَقَدْ رُوِّينَاهُ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، بِقَوْلِهِ: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ} [المائدة: ١٠٦]، وَرُوِّينَاهُ عَنْ عِكْرِمَةَ،
١٩٩٤٠ - وَأَمَّا مَا سُمِعَ فِيهَا مِنَ النَّسْخِ فَقَدْ رَوَاهُ عَطِيَّةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ⦗٢٧٩⦘
١٩٩٤١ - قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقُلْتُ لِمَنْ خَالَفَنَا فِي هَذَا: إِنَّمَا ذَكَرَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ فِي وَصِيَّةِ مُسْلِمٍ أَفَتُجِيزُهَا فِي وَصِيَّةِ مُسْلِمٍ فِي السَّفَرِ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: أَوَ تُحَلِّفُهُمْ إِذَا شَهِدُوا؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ وَلِمَ قَدْ تَأَوَّلَتْ أَنَّهَا فِي وَصِيَّةِ مُسْلِمٍ؟ قَالَ: لِأَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ، قُلْتُ: فَإِنْ نُسِخَتْ فِيمَا أُنْزِلَتْ فِيهِ لَمْ نَنْسَهَا فِيمَا لَمْ تَنْزِلْ فِيهِ
١٩٩٤٢ - قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ إِلَى مَا