الناس وجهًا، وأطيب الناس ريحًا كأنَّ ثيابه لم يمسها دنس، حتى سلم في طرف البساط، فقال: السلام عليك يا محمد، فرد عليه السلام، قال: أدنو يا محمد؟ قال " ادنه "، فما زال يقول: أدنو مرارًا، ويقول له "ادن" حتى وضع يده على ركبتي رسول الله ﷺ(١).
ففيه تعليم الأدب في التعامل مع المعلم، فإنه ﵇ استأذن برفق، وكلما أُذِن له دنا قليلًا، ثم يستأذن حتى دنا، واقترب، وجلس بين يديه جلوس المتورك في الصلاة، ووضع كفيه على ركبتيه، ثم بدأ يسأله، وهو يدل على أنَّ الأدب مع المعلم والمفتي من الدين بدليل قوله ﷺ" هذا جبريل جاء ليعلمكم دينكم".
ولما كان الأدب من أصول الدين مدح الله تعالى المؤدبيين، وأثنى عليهم، فأثنى الله على الجن لما تأدبوا معه ﷾، وقالوا ﴿وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا﴾ [الجن: ١٠].
فلم ينسبوا الشر إليه سبحانه، ونسبوا إليه الخير والرشد، فأثنى عليهم وذكرهم في كتابه.