للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان ابن عيينة يقول:

كنت أخرج إلى المسجد، فأتصفح الخلق، فإذا رأيت مشيخة وكهولًا جلست إليهم، وأنا اليوم قد اكتنفنى هؤلاء الصبيان، ثم ينشد:

خلت الديار فسُدْتُ غير مُسَوَّد … ومن الشقاء تفردي بالسُّؤْدُدِ (١)

وورد أنَّ القفال الشاشي عندما جلس للتدريس مكان مشايخه، وضع منديله على عينيه، وبكى كثيرًا، وهو جالس على السدة التي جرت عادة المدرسين بالجلوس عليها، وكان ينشد:

خلت الديار فسُدْتُ غير مُسَوَّد … ومن العناء تفردي بالسُّؤْدُدِ

وجعل يردد هذا البيت ويبكي (٢).

النصيحة الحادية عشرة انْشَغِلْ بنفسك تُشغَلْ عن عيوب غيرك

لا بد لطالب العلم أن ينشغل بنفسه وعمله، فثمرة العلم ليست بالتنقيب عن مثالب الناس، بل بالعمل بما علم، وكلما ازداد العبد علمًا لا بد أن يزداد عملًا وخُلُقًا، وإلا فإنه لم ينتفع بهذا العلم.

قال الحسن: كان الرجل يطلب العلم فلا يلبث أن يُرَى ذلك في تخشعه، وهديه، ولسانه، وبصره، ويده (٣).


(١) تاريخ بغداد (٩/ ١٧٨).
(٢) وفيات الأعيان لابن خلكان (٤/ ٢٢٠)، شذرا ت الذهب لابن العماد (٤/ ١٦).
(٣) الزهد للإمام أحمد بن حنبل (ص ٢٣١) ط دار الكتب العلمية، أخلاق العلماء للآجري (ص ٧١).
الحسن = هو الإمام الزاهد أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن البصري. قال عنه أنس بن مالك: سلوا الحسن فإنه حفظ ونسينا. و قال أبو بردة: ما رأيت أحداً أشبه بأصحاب محمد منه. توفي سنة ١١٠ هـ.

<<  <   >  >>