للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بأدب وتلطف (١).

• أدب الوالد مع ولده:

وهذا من أغرب ما يُعْلَم في باب الأدب، فقد يتغلب العالم على نفسه، ويجلس بين يدي معلمه، ولكن أن يتغلب الأب على نفسه، ويجلس بين يدي ابنه جلوس المتعلم، فهذا ما أصعبه على النفس!؛ للعلم بمشقة الطلب ومذلته، لكن من أهل الأدب والفضل مَنْ قدر على ذلك، كل ذلك إجلالًا للعلم وأهله.

كان ربيع القطان من الفقهاء المعدودين، وكان أبوه من أهل العبادة، قال أخوه أحمد: كنا إذا جلسنا مع والدي وخطر في باله شيء من العلم قام من مكانه يبحث بين يدي ربيع ابنه، فيقوم ربيع إليه، ويقول: لم فعلت هذا؟ فيقول: أردت أن أسألك عن شئ من العلم، فقال: هلا وأنت مكانك؟ فيقول: أردت أن أعطي العلم حقه (٢).

• أدب الخلفاء مع العلماء:

وهذا مجال آخر للأدب: فإنه مجال يصدق أن يقال عنه " لقاء العمالقة الأكابر "، ولكن الفرق أنه لقاء بين أكابر الدنيا وهم الخلفاء، وأكابر الدين وهم العلماء، فإذا بالخلفاء في هذا اللقاء يدينون لأهل العلم بالفضل والأدب، وإنهم وإن كبروا مهما كبروا لا يكبرون على


(١) تذكرة السامع والمتكلم لابن جماعة (ص ١١٤) ط دار البشائر بتصرف.
(٢) ترتيب المدارك للقاضي عياض (٥/ ٣١٠) ط دار فضالة المغرب.
ربيع القطان = هو الإمام أبو سليمان ربيع بن عطاء الله، قال ابن حارث: كان فقيهاً مفتياً. توفي سنة ٣٣٤ هـ.

<<  <   >  >>