للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• الأدب مع المخالف:

وهذا باب من الأدب لا يهتدي إليه إلا الموفق الذي زاده الله تعالى توفيقًا، فإنَّ بعض طلبة العلم قد يتحلى بالأدب مع مشايخه ومعلميه، لكنه لا يستطيع أن يتحلى بالأدب مع مخالفيه، مع أنَّ هذا الأدب من الأهمية بمكان؛ إذ هو دليل التجرد والإخلاص.

ومن ذلك ما ورد أنَّ محمد بن سريج بلغه موت محمد بن داود الظاهري - وكان بينهما مناظرات - حزن له، ونحى مخاده، وجلس للتعزية، وقال: ما آسى إلا على تراب يأكل لسان محمد بن داود (١).

قال ابن القيم عن ابن تيمية:

كان بعض أصحابه الأكابر يقولون: وددت أني لأصحابي مثله لأعدائه وخصومه، وجئت يوما مبشرًا له بموت أكبر أعدائه وأشدهم عداوة فنهرني، وتنكر لي، واسترجع، ثم قام من فوره إلى بيت أهله فعزاهم، وقال إني لكم مكانه، ولا يكون لكم أمر تحتاجون فيه إلى مساعدة إلا وساعدتكم (٢).


(١) تاريخ بغداد للخطيب (٣/ ١٦٣)، سير أعلام النبلاء للذهبي (١٣/ ١١٢)، المنتظم لابن الجوزي (١٣/ ١٠١).
محمد بن داود = هو العلامة البارع الذكي أبو بكر محمد بن داود الظاهري، توفي سنة ٢٩٧ هـ.
(٢) مدارج السالكين (٢/ ٣٢٨) ط دار الكتاب العربي، تكملة الجامع لسيرة شيخ الإسلام للعمران (ص ٩٠).

<<  <   >  >>