للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ذلك أيضًا:

أنه كان بين الإمامين أبي نعيم وابن منده وحشة شديدة، ومع ذلك لما ذُكِر ابن منده عند أبي نعيم قال كان جبلًا من الجبال (١).

وهذا يدل على الإنصاف، وعدم التعصب، وحسن الظن، وكل هذا من حسن الهدي والسمت والأدب.

قال أبوزرعة:

كنت عند أحمد بن حنبل فذكر له إبراهيم بن طهمان وكان متكئًا من علة، فجلس، وقال: لا ينبغي إذا ذُكِر الصالحون فيتكأ، وقال أحمد: كان مرجئًا، وكان شديدًا على الجهمية (٢).

ما أعظم الإمام أحمد من معلم ومؤدب، فلقد أدب الناس بعمله قبل قوله، فجلوسه - مع اتكائه من علة - لتعليم الأدب مع العلماء والصالحين، حتى عند غيابهم، بل بمجرد ذكر أسمائهم، ثم تعليمه الأدب لطلبته بذكره أنه من الصالحين فينبغي أن يُقَدَّر ويُوَقَّر، وأعظم من كل ذلك إنصافه وذكره للخير والشر معًا ليعالج هذا بذاك، فإن أراد أحد أن يعتدي لما عنده من الخطأ نظر إلى ما عنده من الخير


(١) تاريخ دمشق لابن عساكر (٥٢/ ٣٢)، سير أعلام النبلاء (١٧/ ٣٢)، لسان الميزان (٦/ ٥٧٧).
(٢) تاريخ بغداد (٧/ ٢٠)، سير أعلام النبلاء (٧/ ٣٨١)، تهذيب التهذيب لابن حجر (١/ ١٣٠).
إبراهيم بن طهمان = الإمام عالم خراسان أبو سعيد إبراهيم بن طهمان الهروي. توفي سنة ١٦٨ هـ.

<<  <   >  >>