وما وقع عبد في هذا المنزلق وأطلق لسانه في أهل العلم والدين إلا هو دليل على جرأته على الله تعالى، ومخالفته لسنة نبيه ﷺ، ورقة دينه، وسوء أدبه وخلقه، فليحذر العبد من ذلك.
ولقد أخفق في هذا الباب في هذا الزمان بعض إخواننا من طلبة العلم - غفر الله لنا ولهم- الذين زين لهم الشيطان الوقيعة في أعراض أهل العلم بحجة خطئهم في بعض المسائل - كما يزعمون -، وليس أحد معصومًا من الخطإ بعد الأنبياء، ولكن هل يجيز الخطأ سوء الأدب؟!، فلو كان الأمر كذلك لأساء النبي مع من قالوا: إنَّ الله ثالث ثلاثة، ومع من قالوا: عزير ابن الله، ولكن هذا لم يحدث، بل كان ﷺ أحسن الناس خلقًا وأدبًا مع أحبابه وأعدائه، فليتق الله إخواننا ممن أطلقوا لسانهم في علماء الأمة، ومصابيحها، وتيجان رؤوسها، وليعودوا إلى تعاليم الشريعة المطهرة، وليتمثلوا بخلق نبيهم ﷺ.
ولنعلم - أحبتي في الله - أنَّ سوء الأدب يؤدي إلى الشقاق، والخلاف، ووقوع الشحناء والبغضاء، وأما الأدب فإنه يجمع بين المختلفين، ويؤلف بينهم، ويزيل حواجز القلوب، ويحمي النفوس من هاوية الشقاق.
وصدق القائل:
إن يختلف ماء الوصال فماؤنا … عَذْبٌ تَحَدَّرَ من غمام واحد
أو نختلف نسبًا يؤلف بيننا … أدبٌ أقمناه مقام الوالد
وهذه نصيحة محب، راغب في الخير لنفسه، وللناس عامة، ولطلبة العلم خاصة، سميتها (رسالة في الأدب لأصحاب الطلب).