أبوه إلى العِراق فلَقيَ الأصْمَعيَّ وغيره من عُلماء البصريين والكُوفيين: وانصرف إلى الأنْدَلُس فكان لا يَزال يسْتفهم عَمّن نَجَم بالمَشْرِق من الشُّعراء بعد إبْراهِيم ابن هَرمة، فأُخْبِرَ عن الحسن بن هاني وأنْشِد بعض شِعْره فقال: لأجهدنّ في أن ألْقَى هذا الرّجُل، ثم رحل إلى العِراق فلَقيه واستنْشَده. ويُقالُ: إن الحَسَن قضى لعباس بالفضْل على نَفْسه، وقد ذكَرْتُ الخَبَر بتمامِه في كتابي المؤَلف في النَّحَويين. وقَدْ سَمِعْتُ هذا الخَبَر من أبي رحمه الله ومن غَيره.
وكانَ: محمد بن عُمَر بن عبد العزيز يُحَدِّث بهِ؛ ثمَّ أن العَبّاس بن ناصِح انْصَرَف إلى الأنْدَلُس فلَمْ يَزَل مترَدّداً على الحَكَم بن هِشام بالمديح، ويَتعرضُ لِلْخِدمة. فاسْتَقْضاه على شَذُونة والجزيرة. وَوُلِّي القضاء بَعْدهُ ابنه عبد الوَهّاب بن عَبّاس. وكان شاعِراً؛ ثمّ ابن ابنه محمد بن عبد الوَهّاب بن عَبّاس، وكان شاعِراً فَهُمْ ثلاثَة قُضاة في نسَق، وثلاثة شُعراء في نَسقٍ.
وكان عَبّاس: من أهْل العِلْم باللغة والعَربية. وكان جَزل الشّعر، يَسْلكُ في أشْعاره مَسالِكَ العَرب القديمة. وكان: لهُ حظٌّ من الفِقْهِ والرِّواية ولم تُشْهَرُ عنهُ لِغَلَبة الشعر عَلَيه. وقَرَأت في كتاب محمد بن أحمد بِخَطّه: عَبّاس بن ناصِح بن تلتيت المَصْمودِي.
٨٨٢ - عَبّاس بن رُفاعَة بن الحارِث المُذْحَجِيّ: من أهْل رَيّة.
كانَ: فَقيهاً، زاهِداً قَدْ نبذ الدُّنيا. وأرادَ الحكم بن هِشْام أن يُولِّيه قَضاءُ الجَماعَة بِقُرطُبة، فَفرَّ منهُ، وَلَحِق بالثّغر الأقصى. فَعَقِبهُ هُنالِك يَنْتَمون إلى مُرادٍ. ومن وَلَدِه بدرُوقةَ. يُونُس بن مَحفُوظ قاضِيها؟ ذكرهُ: إسْحاق القينيّ.