أما مدح المالكي، للمأمون: فلفجوره وضلاله وبدعته. وذمه للمتوكل، فلاتباعه السنة ونصرتها، وقمع مخالفيها، وشدته على الرافضة.
الثاني: أن من المستقر عند أهل السنة جميعا- والحنابلة منهم-: السمع والطاعة لمن ولي أمر المسلمين، وعدم الخروج عليه، إلا إذا أتى بكفر بواح عندنا فيه من الله برهان، كما جاءت به السنة، وزال المانع عنه، بجهل أو شبهة، وكان مقدورا على ذلك، ولا يتسبب خروجهم عليه، بفتنة أعظم مما خروجوا لأجلها.
وهذا معلوم من مذهبهم، سواء كان الإمام محبا لهم مكرما، أم مبغضا لهم مناوئا.
لهذا، لم يأمر الإمام أحمد بالخروج على خلفاء بني العباس الذين سجنوه، وجلدوه، وحصل منهم له ما هو معلوم.
ولو كان سمعهم وطاعتهم للأئمة، معلقا بحظهم من الدنيا، أو بميل السلطان لهم ونحوه، لكان المأمون، والمعتصم، والواثق أولى الأئمة بالخروج والقتال وخلع البيعة.
وكذلك كان حال الحنابلة وأهل السنة جميعا، وحال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ومن سجن معه من تلاميذه مع سلاطين عصورهم، المناوئين لهم والساجنين، لم يدعوا أحد منهم للخروج على السلطان،