أو منابذته بالسلاح، مع كثرة أتباعهم، ومحبيهم من عامة الناس وخاصتهم، وما أمر جنازة الإمام أحمد، ومن خرج فيها مشيعا باكيا، وجنازة شيخ الإسلام ابن تيمية، بخاف على أحد.
الثالث: أن الخليفة العباسي المأمون: لم يكن- كما زعم المالكي - ذا عدل وعلم جم، وإنما كان باغيا جائرا، سفك دماء العلماء المعصومة، وفتن الأمة، وأدخل الفلسفة في علوم المسلمين، بعد أن كانت سالمة منها، فضل وأضل.
فإن كان ظلم الحجاج وسيفه، غاية يضرب بها المثل في الظلم والشر، فلقد كان المأمون أطغى منه وأشر.
وكيف يقاس الحجاج، بالمأمون، وكان سيف الحجاج صلتا على الخوارج، والبغاة، وفي الجهاد، إلا أنه نال جماعات من الصالحين فاختلطت فيه دماء زكية بأخرى ردية. أما سيف المأمون فقد عصم منه كل زنديق ومبطل، ولم يرق إلا دماء علماء الأئمة، وكبار الأئمة؟!
وما نقم المأمون منهم، إلا ما نقمه من هم على شاكلته من المؤمنين، الذين قال فيهم جل وعلا:{وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[البروج: ٨] .
قال الإمام الحافظ ابن كثير الشافعي، في "البداية والنهاية"(١٥ / ٣٠٢) في ترجمته: (وقد كان فيه تشيع واعتزال، وجهل بالسنة الصحيحة) .