قالوا له:"لا حكم إلا لله، وقد حكمت الرجال في دين الله "! وهكذا كان فهمهم للوحي، ولهذا أشار ابن قيم الجوزية في "نونيته" حين قال في وصف حالهم:
ولهم نصوص قصروا في فهمها ... فأتوا من التقصير في العرفان
الرابع: أننا ننزه السلف الصالح، مما رماهم ووصفهم به المالكي، بأنهم يكفرون! ويفسقون! ويضللون! ويفحشون القول! ويفتون بقتل مخالفيهم ظلما! واستحلال دمائهم، وأموالهم، وأعراضهم! نعرف لهم فضلهم، وعلمهم، وسابقتهم في الإسلام، ونشرهم لعلومه، وإظهار المندرس من رسومه، ومنافحتهم عنه، وذبهم عن حياضه، حتى بقي صافيا، فجل وعلا من أقامهم لحفظ دينه.
ولا يستقيم إسلام رجل غمطهم حقهم، أو رأى ضلالهم! فالإسلام الحق ما كانوا عليه، والإيمان الصالح ما كانوا يدعون إليه.
فمن أفتوا بكفره وضلاله: فهو كافر ضال، ومن حكموا بردته وأوجبوا قتله: فهو حكم الله فيه، فما حكموا في أحد قط بغير الوحي، ولا تحاكموا وحاكموا أحدا إلا إليه، حيا كان أو ميتا.
وخلاف هؤلاء الأئمة مع أولئك المكفرين الضالين من الأمة: من جنس خلاف النبي صلى الله عليه وسلم مع مشركي وقته.
فما كان تضليلهم أو تكفيرهم لأحد لهوى أو دنيا، أو نزاع شخصي ونحوه، حاشا لله أن يقال ذلك في حملة الإسلام وهداة الأنام.