والذي يجدر التنبيه إليه ويجب أن نعتقده: أن هذه الأناجيل ليست نازلة على عيسى -عليه السلام- في نظرهم فضلًا عن غيرهم، وليست منسوبة إليه؛ ولكنها منسوبة لبعض تلاميذه ومن ينتمي إليهم، وهي -كما علمت- تشتمل على أخبار المسيح، وقصصه ومحاوراته وخطبه وابتدائه ونهايته في الدنيا -كما يعتقدون هم- فهي على أقصى تقدير لا تزيد عن كتاب سيرة لحياة المسيح ممتلئة بالخرافات والمتناقضات، وليتها صدقت في حياة المسيح كما صدق الكتاب عندنا في عرض سيرة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- ولكن ترى فيها العجب العجاب؛ إن دل ذلك على شيء؛ فإنما يدل على تعصب هؤلاء القوم لباطلهم ومحاربتهم للحق وجفوتهم له؛ فأين إنجيل عيسى الحق؟!.
وبعد هذه النظرة السريعة حول تاريخ الأناجيل المعتمدة عندهم ينبغي أن نقول: ثبوت تحريف الأناجيل:
هذا؛ وتحريف هذه الأناجيل واضح لكل ذي عينين، ومع ذلك يتعصب لها النصارى، والتناقض الذي في هذه الأناجيل ليس فيما بين إنجيل وإنجيل! لا؛ ولكن في الإنجيل الواحد نفسه؛ بل في الإصحاح الواحد، ولا أكون مبالغًا إن قلت: إن التناقض والتحريف يبدو واضحًا في الصفحة الواحدة ما بين أولها وآخرها، وربما وسطها أو ذات سطرها، ولا يقف حد التحريف عند متنها فقط؛ بل يتعداه إلى السند أيضًا.