للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بطرس، فإنه خليفته عليهم". فقد انخرم حينئذ الوثوق بأقوال النصارى في صلب المسيح، وجُزم بإلقاء الشبه على عيسى -عليه السلام.

وما الذي يمنع الشبه أو يحيله، والله -عز وجل- قادر على أن يجعل شبه عيسى -عليه السلام- على ذلك الخائن أو على شيطان أو على أي شيء، والله -سبحانه وتعالى- الذي جعل من عصا موسى حية، قادر على أن يجعل إنسانًا شبه إنسان، فإذا كان الله -عز وجل- خلق جميع ما للحية في عصاة موسى -عليه السلام- وهو أعظم من الشبه، فإنّ جعل حيوان يشبه حيوانًا أقرب من جعل نبات يشبه حيوانًا، وقلب العصا حية تسعى مما أجمع عليه اليهود والنصارى، كما أجمعوا على جعل النار لإبراهيم -عليه السلام- بردًا وسلامًا، وعلى قلب الماء خمرًا، فإذا جوزوا مثل هذا جوزوا أيضًا إلقاء الشبه من غير استحالة.

العاشر: ولم يقع الشك من رئيس الكهنة فقط، ولا من تلاميذ المسيح حتى بطرس فحسب، بل من جميع من كان في المجمع، وحتى الذين اقتادوا عيسى لصلبه سألوه قائلين: "إن كنت أنت المسيح فقل لنا، فقال لهم: إن قلت لكم لا تصدقوني، وإن سألت لا تجيبونني ولا تطلقونني". فما معنى هذا القول؟ المعنى واضح: إن قلت لكم لست أنا المسيح لا تصدقونني، وإن سألتكم بعدها أن تطلقوا سراحي لا تجيبون طلبي، ويستحيل أن يكون المعنى: إن قلت لكم أنا المسيح لا تصدقوني؛ لأنهم إذا كانوا لا يصدقونه أنه المسيح فلم جاءوا به، فلم يبق إلا المعنى الوحيد المعقول، وهو إن قلت لكم: لست أنا المسيح لا تصدقوني ولا تجيبونني إلى ما أريد ولا تطلقونني.

الحادي عشر: بل في الإنجيل ما يصرح بنجاة عيسى -عليه السلام- حتمًا، ويؤكد إلقاء الشبه على غيره وذلك في قوله: "أقول لكم: إنه في تلك الليلة يكون اثنان على

<<  <   >  >>