والانقياد له، والملة الطريقة أيضًا، ثم نُقلت إلى أصول الشرائع من حيث إن الأنبياء يعلمونها ويسلكونها، ويسلكون من أمروا بإرشادهم بالنظر إلى الأصل، وبهذا الاعتبار لا تضاف إلا إلى النبي الذي تستند إليه، ولم تأتِ الملة في البيان القرآني مضافة إلى الله عز وجل، وإنما جاءت مضافة إلى البشر بما يشمل الدين الصحيح، والدين الفاسد أيضًا.
ومن نماذج الدين الصحيح إضافة الملة إلى إبراهيم الخليل -عليه السلام- في قوله تعالى:{وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ}(البقرة: ١٣٠) وقوله عز وجل: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}(البقرة: ١٣٥).
وأضيفت إلى آباء يوسف -عليه السلام- في قوله سبحانه:{وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ}(يوسف: ٣٨)، وكذا قال الله:{فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}(آل عمران: ٩٥)، وأيضًا قوله تعالى:{دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}(الأنعام: ١٦١)، وجاءت الملة في البيان القرآني بمعنى الدين الفاسد والاعتقاد الخاطئ مضافة إلى هؤلاء المستكبرين من قوم شعيب قال تعالى:{قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ}(الأعراف: ٨٨)، وقال تعالى على لسان يوسف:{إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ}(يوسف: ٣٧)، وفي قصة أصحاب الكهف:{إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا}(الكهف: ٢٠)، والكافرون من أقوام الأنبياء على مدى الأجيال كما قال تعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ}(إبراهيم: ١٣)، وقال