تعالى عن اليهود والنصارى {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى}(البقرة: ١٢٠).
وبهذا يتبين في لغة القرآن أن الملة تشمل الدين كله، سواء كانت له صلة بالوحي الإلهي، أم ليست له صلة، ومن الملة إلى النحلة.
النحلة ما معناها؟ أولًا في اللغة يقول صاحب القاموس:"والنِّحلة بالكسر، والنُّحلة بالضم، وانتحله وتنحله ادَّعاه لنفسه، وهو لغيره، ونحله القول كمنعه نسبه إليه، ونحله فلان سابَّه، ونحل جسمه نحولًا ذهب من مرض أو سفر، فهو ناحل ونحيل، وهي ناحلة، وأنحله الهم، والنحلة بالكسر الدعوى.
ويقول الراغب الأصفهاني: "والانتحال ادعاء الشيء وتناوله، ومنه يقال: فلان ينحل الشعر، ويقال: ما نحلتك أي: ما دينك"، وجاء في (القاموس المحيط) ما يلي: "النحل ذباب العسل الذكر والأنثى، واحدتها نحلة، والنِّحلة العطاء بلا عوض، والشيء المعطى، أو العطية، والنُّحل بالضم مصدر نحله نحلة أي: إعطاء، ومهر المرأة نحلة، ومنه قوله تعالى:{وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}(النساء: ٤) " هذا، والنحلة هي عكس الملة، فالنحلة دين من وضع البشر، والملة من وضع الله، والنحلة في القرآن الكريم: لم ترد النحلة في القرآن المجيد بأي معنى يتصل بالدين أو الفكر، وإنما جاءت بمعنى واحد، وهو العطاء الخالص كما في قوله تعالى:{وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}(النساء: ٤) أي: عطية خالصة، فالمهر في الزواج ليس مقابل المتعة؛ لأنها مشتركة بين الزوجين، وليس مقابل تأسيس المنزل، فهو واجب الزوج وحده بقدر طاقته، وإنما المهر رمز الوفاء والمحبة يُقدمه الرجل عطية خالصة، ولهذا كان أقلهنَّ مهورًا أكثرهنَّ بركة، فالمهر يتحقق بأي شيء، ولو كان خاتمًا من حديد.