وما القضاء والقدر اللذان ورد ذكرهما في القرآن الكريم، وجعلهما الله مرتبطين بفعل الإنسان ومسلكه في الحياة سوى النظام العام الذي خلق الله عليه الكون، وربط بين الأسباب والمسببات والنتائج والمقدمات سنة كونية لا تختلف، وكان من تلك السنة أن خلق الإنسان حرًا في فعله مختارًا غير مقهور، ولا مجبور ولو صح ما ذهبوا إليه لبطلت التكاليف، وكان بعث الرسل، وإنزال الكتب ودعوة الإنسان إلى دين الله، وما يجب عليه ووعده بالثواب لأهل الخير، والعقاب لأهل الشر باطلًا وعبثًا، ولا يتفق، وحكمة الخالق الحكيم في تصرفه وتكاليفه الرحيم بعباده؛ فالإنسان له حق في الحرية والاختيار، وفيه بواعث الخير وبواعث الشر كما قال تعالى:{وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا* وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}(الشمس: ٧ - ١٠) فالله خلق الإنسان مستعدًا للخير والشر فهو يسعد نفسه بالخير أو يشقيها بالشر: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}(البلد: ١٠) كما قال ربنا أيضًا: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}(الإنسان: ٣).