للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحيوانات قوي، وهل الإنسان وحده الجاهل بحقائق الطبيعة وغيره من الحيوانات أعلم منه، وهل هم كفروا؛ لأنهم صاروا أقوى من الطبيعة، وأعلم بخباياها أم ماذا؟

لا جواب على هذه التساؤلات إلا جواب واحد يرضاه العقل والدين معًا هو أن الإنسان فطر على التدين فتدين، ولم يخلق الحيوانات لهذا فبعدت عنه. والحق: أنه لا تبديل لخلق الله، وهو ما جعل الإنسان من بين مخلوقات الأرض والسماء في حفلة العرض يحمل الأمانة دون غيره كما قال تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ} (الأحزاب: ٧٢).

فالإنسان في منطق الجاهلية الحديثة تدين؛ لأنه ضعيف وجاهل، وعلى القياس الحمار بمقتضى الجاهلية الحديثة لم يتدين؛ لأنه عالم وقوي عالم بأسرار الطبيعة فلم تدهشه، وقوي أمام مظاهرها فلم تروعه، ويوم أن يتحرر الإنسان، ويصبح حمارًا أو قردًا أو ما شاء له من الحيوانات يكون قد تحرر من الجهل والضعف؛ فتعجب لمثل هذه الفلسفة الجاهلة، أو هذه الجاهلية الحديثة.

إننا على يقين من أقدمية الدين، وأن الدين موجود مع الإنسان، وقبل الإنسان مع الإنسان ربما تكون واضحة قبل الإنسان كيف حين خلق الله الجان، وحين خلق الله الملائكة؛ فالملائكة على دين يعبدون ربهم، ويطيعونه، ولا يعصونه فهم يسبحون الليل والنهار لا يفترون، وهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وهم يخافون ربهم من فوقهم، ويفعلون ما يؤمرون، وهم بأمره يعملون؛ ولذلك قال الله -عز وجل-: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} (آل عمران: ٨٣).

<<  <   >  >>