للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه قضية لا نريد تفصيلها لكن من حيث قدم الدين بقدم الإنسان؛ فمن أول إنسان آدم -عليه السلام- هل كان متدينًا نعم موحدًا؟ نعم، هل أمر ونهي؟ نعم وهو في الجنة قبل أن يهبط إلى الأرض، ولما أهبط إلى الأرض هبط، ومعه الدين ومعه المنهج؛ فالله -عز وجل- تاب عليه في الجنة بعد إذ أكل من الشجرة نسيانًا لكن آدم خلق ليكون في الأرض لا ليكون في الجنة: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} (البقرة: ٣٠) ولم يقل في الجنة لذلك نزل آدم ومعه المنهاج: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا * وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (طه: ١٢٣، ١٢٥).

فآدم -عليه السلام- كان موحدًا، وكان متدينًا وأبناؤه من بعده كذلك، وفطروا على هذا التدين، وأخذ عليهم العهد والميثاق بتوحيد الله -عز وجل- قال -سبحانه وتعالى-: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} (الأعراف: ١٧٢، ١٧٣).

قال الإمام ابن كثير -رحمه الله- في (تفسيره) يخبره تعالى أنه استخرج ذرية آدم من أصلابهم شاهدين على أنفسهم أن الله ربهم ومليكهم، وأنه لا إله إلا هو كما أنه تعالى فطرهم على ذلك وجبلهم عليه، فقال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (الروم: ٣٠)

<<  <   >  >>