للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(١) [فلا يخلو أن تكون دائرة تمكينه في أمور خاصة ليس منها التصرف في أحوال البشر بالنفع والضر، أو يكون بحيث تشمل ذلك. الأول لا شأن للبشر به، وأما الثاني فقد علمنا أن الله تبارك وتعالى لما مكَّن البشر من أن ينفع بعضهم بعضًا أو يضر جعل كلًّا منهم بحيث يرى غيره ويعرفه، وجعل لكل منهم سمعًا وبصرًا وعقلًا وقدرةً، وغير ذلك، فسهَّل لكل منهم السبيل إلى اجتلاب النفع من صاحبه ودفع ضره، وذلك المفروض أن الله تعالى مكنه في (٢) التصرف فيهم لو كان حقًّا لجعل الله تعالى للناس سبيلًا إلى العلم به واستجلاب النفع منه ودفع ضره.

فإن قيل: فقد يصل إلى الإنسان نفع من صاحبه بدون سعي منه، ويصله ضرر منه لم يكن يمكنه اتقاؤه.

قلت: ما كان كذلك فهو مما قضاه الرب عز وجل حتمًا، فإن كان تصرف ذلك المفروض وجوده قاصرًا على مثل هذا فلا شأن للبشر به؛ لأن ما قضاه الله عز وجل حتمًا، بحيث لا يتوقف على سعي من الإنسان ولا تقصير فهو واقع حتمًا، فلا شأن لهم بالطريق التي يصل منها.

فإن قيل: دع هذا، بل نقول: إن الله عز وجل جعل للناس وسيلةً إلى العلم بذلك المفروض وجوده، وهو أن كثيرًا من الأمم قالت بوجوده،


(١) هذا النص كتبه المؤلف (ص ٤١ ب- ٤٢ ب) ثم كتب فوقه: "هذا مع الورقة الآتية يؤخّر إلى بحث توحيد الألوهية إن شاء الله تعالى". لكن المؤلف لم يكتب هذا المبحث فأثبته هنا في آخر الكتاب. والله المستعان.
(٢) كذا، ولعلها: "من".