للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ص ١١] المقدمة الثانية: في التقليد والتحقيق

ينبغي لطالب الحق من المسلمين أن يختبر نفسَه قبل البحث، ويسألها: التقليدَ تريد أم التحقيق؟

فإن كانت تريد التقليد؛ فأولى من قُلِّد في العقائد كتاب الله وسنة رسوله، فإن لم يكن أهلًا للنظر فيهما، فليبذل جهده في تحصيل التأهُّل.

وإن كان يريد التحقيق؛ فالتحقيق في الكتاب والسنة أيضًا، فإنه لا أعلم بالله ــ عز وجل ــ من نفسه، ثم من رسوله.

فإن أبى إلا النظر في آراء المتكلمين والمتفلسفين، معتذرًا بأن كلامهم قد اختلط بالكتب العلمية على اختلاف أنواعها من تفسير، وشروح حديث، وتراجم رجال، وفقه وأصوله، وعلوم اللغة. وتلك العلوم لا بدّ منها لطالب العلم، ولا يجدها إلا في تلك الكتب التي قد خُلِط بها الكلام والفسلفة، فليجعل نُصْب عينه أنه إنما يريد التحقيق، وأن غاية التحقيق في الكتاب والسنة، وأنه إنما يريد بالنظر في الكتب التوصُّلَ إلى الكتاب والسنة.

ثم ليحذر من تقليد المتكلمين والمتفلسفين، وليضع كلَّ أصلٍ يؤصِّلونه على أنه دعوى لا يقبلها بمجرد الاغترار بكثرة المدَّعين وجلالتهم في صدور الناس، وما اشتهروا به من علم ودقة نظر، وما يكررونه مِنْ زَعْمِ: أن بدائه العقول دالة عليها، وأنها قامت عليها البراهين القطعية، وأنه لا يخالفها إلا بليد أو معاند، أو غير ذلك (١).


(١) بعد هذا ذكر المؤلف فصلًا في أسلحة الفلاسفة التي بها يصولون، وكانت سببًا في ضلال كثير من الناس، وهي اثنا عشر سلاحًا، ولكنه ضرب عليه ربما لتكون في
=