للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نُبِّه انتبه، ويؤيد هذا المعنى ويُعيّنه الحديث الصحيح [قال - صلى الله عليه وسلم -: "قال الله عز وجلّ: يؤذيني ابن آدم يسبّ الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار"] (١).

ثم أطلق المتكلمون لفظ "الدهري" على من قال من الفلاسفة بقدم العالم، وقد يُجْمع بينهما فيقال كما في "المصباح" (٢): "الرجل الذي يقول بقدم الدهر ولا يؤمن بالبعث دهري".

* * * *

فصل

من سُنة القرآن: أن ما كان من الحق معروفًا بين الناس مسلَّمًا عندهم أن لا يَذْكُر ما يمكن أن يُورَد عليه من الشبهات، وإنما يَذْكُر ما يُؤخذ منه البرهان على ذلك الحق، والبراهين على وجود رب العالمين كثيرة، أشهرها الاستدلال بوجود الأثر على وجود المؤثِّر كما يعبر عنه جماعة، وقد تقدمت الإشارة إليه في الأصل الثاني (٣) من المقدمة الأولى.

وهذا القدر متفق عليه بين الناس، وقد نَبَّه عليه القرآن، فذكر كثيرًا من آيات الآفاق والأنفس، ودعا إلى النظر والتفكر فيها، وقال سبحانه: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (٣٥) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ} [الطور: ٣٥ - ٣٦].


(١) ضاقت الحاشية على المؤلف فبيّض للحديث، وسقته اجتهادًا. وهو في البخاري (٦١٨١)، ومسلم (٢٢٤٦) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) (ص ٧٧).
(٣) كذا، وإنما تقدمت الإشارة إليه في الأصل الأول (ص ٨ - ١٠).