للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد جَرَّبت هذا أنا وغيري.

وقد يكون المرئي نفسه قد سبق أن أحسن إليك أو أساء، ولكن تقادم العهد ونسيته.

وقد يشعر العقل، ولكن لا يمكنك شرح ذلك، كأن ترى إنسانًا فيقع لك أنه عربي، وترى أنك إنما أدركت ذلك من صورته، فإذا [ص ٢٨] قيل لك: اشرح ذلك بأن تقول: لونه كذا، وشكل وجهه كذا، وعينه كذا، بما يبين اختصاصَ تلك الهيئات بالعرب غالبًا لم تستطع ذلك.

واعلم أن العقل يأبى أن يقبل ما لا يدركه هو، حتى لقد يتردد أو يعاند فيما قد شعر به في الجملة، كما مر في صورة العربي. والذي ينبغي للعقل أن لا يلغي إدراك النفس، بل يتثبت فيه ويتدبر، ويمعن النظر حتى يتبين الأمر، فإن لم يتبين أخذ بالأحوط.

* * * *

فصل

العاقل لا يلغي الدلالة التي هي ظنية عنده، أما في مصالح الدنيا فمعلومٌ أن عمادها الظن، فالزّارع يتعب ويصرف كثيرًا من المال على رجاء الثمرة، وحصولُها ليس بقطعي، وكذلك الصانع والتاجر وحافر البئر والناكح والحاكم وأرباب السياسة والقتال، وكذلك الطبيب والمتداوي، وغير ذلك، فتدبَّر وأنعم النظر.

فإذا كان الأمر كذلك في جلب المنافع ودفع المضار التي يعلم الإنسان أنها منقطعة عنه عما قليل، إذ لعله يموت بعد ساعة أو يوم أو نحو ذلك، فإن طال عمره لم يجاوز في الغالب ثمانين سنة، فكيف لا يعمل هذا في المنفعة