للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بذلك المتفلسفون (١) من القدماء والعصريين (٢). قال بعض العصريين: إن للنحل حاسة سادسة (٣).

وليس هناك ما يحصر الحواسّ الممكنة في الخمس، ولا في ست، ولا سبع، ولا أكثر.

وهذا الحَبّ والنوى لو لم يتضح لنا بالحس والقياس والتواتر اتضاحًا قاطعًا أن الحبة والنواة تبقى سنين، ثم إذا وُضِعَت في الطين نبت منها مثل أصلها، ثم كبر، ثم أثمر مثل ذلك الثمر الأول، وهكذا أبدًا = لقطعنا باستحالته.

وكذلك توالد الحيوان وما فيه من العجائب، لو أخذتَ بيض حمام، فولَّدته توليدًا صناعيًّا، بوضعه في التبن ونحوه في حرارة معتدلة، فلما خرجت الفراخ ربيتها بدون أن تخالط غيرها من الحمام، ثم أخذت منها ذكرًا وأنثى، وعزلتهما في موضع = لوجدتهما بعد أن يكبرا ويتسافدا يشرعان في جمع القَشّ، واتخاذ موضع صالح لوضع البيض فيه وحضنه (٤).

فمن أعْلَمَهما أن السِّفاد سبب للتوالد؟ ومن أعلمهما أن الأنثى ستضع بيضًا يحتاج أن يُحْضَن؟ وقس على ذلك.


(١) غير واضحة في الأصل، وهكذا قرأتها.
(٢) هذا من حيث التجويز العقلي لا مانع منه. وانظر ما ذكره الإمام ابن القيم من حِكْمة جعل الحواس خمسًا في مقابلة المحسوسات الخمس، وأنه لو كان هناك ما يُحسّ بغيرها لجعل له حاسة سادسة. "مفتاح دار السعادة": (٢/ ٢٠٣).
(٣) انظر في عجيب أمرها وحكمة خلقها: "مفتاح دار السعادة": (٢/ ١٦٥ - ١٦٩)، و"حياة الحيوان الكبرى": (٤/ ٢٩ - ٥٢).
(٤) ذكر المصنف نحو هذا المثال في "التنكيل ــ القائد": (٢/ ٣٢٧).