للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأسلافك، فلا تجدها تطمئن إليها، ثم تراجعها في اطمئنانها بوجود الرب، فتجده بحاله، فتعلم أن ذلك لم يأتها من جهة التقليد.

ويتأكد هذا عندك بما سبق (١): أن القبائل المتوحشة حتى زنوج أمريكا يعتقدون وجود الرب، ويتأكد الأمران معًا بأن بعض الأفراد يكون ملحدًا قد ردَّ أدلة المتكلمين والمتفلسفين، واستدل بزعمه على نفي وجود الرب، وعلى أنه لا يمكن العلم بوجوده ولا عدمه، وسفَّه التقليد، وتعصَّب لذلك جهده، ثم هو يجد نحو تلك الطمأنينة من نفسه على ما حُكِي عنهم.

وأظهر ما تكون هذه الطمأنينة عندما يعتري الإنسان مرض أو خوف شديد، فيجدُ نفسَه تفزع إلى ذي قوة غيبية، تلتجئ إليه، وتستغيث به.

قال الله تبارك وتعالى (٢): [{وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا ... } [يونس: ١٢]، وقال تعالى: {وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ... } [الروم: ٣٣]، وقال تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ... } [العنكبوت: ٦٥].

فإن قيل: فإننا نجد كثيرًا من الناس إذا اعتراه مرض أو خوف يفزع إلى غير الله عز وجل، فقد يفزع النصراني إلى المسيح وأُمّه، والذين يعبدون الملائكة إلى الملائكة، وعوامّ المسلمين إلى من يعتقدون فيه الولاية من الموتى.


(١) (ص ٤٧ وما بعدها).
(٢) ترك المؤلف مكان الآيات فارغًا بمقدار ستة أسطر، فأكملناه بالآيات المناسبة للسياق.