للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والجواب: أن الفلاسفة والمتكلمين قد ذكروا عدة براهين لإبطال هذا الفرض، ولكن الكلامَ فيها دقيق، ومبنيٌّ على أصولهم، فليراجعها من شاء في كتبهم.

والذي يليق برسالتنا هذه أننا سنقيم الدليل على صحة النبوة، وعلى نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وبذلك تثبت نبوة نوح وإبراهيم، وموسى وعيسى، وغيرهم ممن صرح القرآن بنبوَّته.

وإذا ثبت ذلك فمعنى نبوّتهم أنهم مرسلون من جانب الربوبية؛ ليكونوا سفراء يبلغوا الناس عن ذلك الجانب، وقد عُلِم أن هؤلاء الأنبياء بلَّغوا الناس أنه لا يوجد إلا ربٌّ واحد، فالآمر لهم بذلك المؤيد لهم بالمعجزات إن كان أحد الربين المفروضين فقد كذب، وأمر بالكذب، واهتضم حق صاحبه، ومثل هذا لا يجوز على الرب.

فإن أبيت إلا افتراض جوازه، فلا بدَّ من التنازع بين الربين، وذلك باطل كما تقدم في الكلام على إبليس (١).

وإن فُرِض أن الأنبياء مرسلون من الربين معًا فكيف يجوز على الرَّبين أن يأمراهم بالكذب والزور، ونَفْي وجود أحدهما، والإعراض عنه؟ ! وتصوُّر هذا كافٍ في العلم ببطلانه.

فإن عاد الوهم فجَوَّز كذبَ الأنبياء، فمعنى ذلك تجويز أن لا يكونوا أنبياء، وسيأتي إثبات نبوتهم.

وهذا بحمد الله تبارك وتعالى برهان قاطع، إنما يبقى فيه إثبات النبوة، وسيأتي إن شاء الله تعالى.


(١) (ص ٧٩).