للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} ١، فتأتي الإشارة قي المرة الثانية لتجسد الحديث الدائر، ويتكرر الإخبار عنه بأنه بهتان عظيم، وقوله: {مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا} ، تجد اسم الإشارة فيه لا يغني غناءه أن يقول: ما يكون لنا أن نتكلم به؛ لأن في الإشارة معنى أنه لا ينبغي لنا أن نتكلم به، وإن أذاعه المرجفون، وأصبح حديثا ظاهر معلنا؛ لأن قوة إشاعته لا تغير أنه باطل بين.

وقد أحسن الفرزدق استعمال اسم الإشارة في هذا الغرض، أعني في تمييز المشار إليه، وتحديده ليصفه بما شاء من الصفات، وذلك فيما ترويه كتب الأدب من أن رجلا من أهل الشام سأل هشاما بن عبد الملك، عن علي بن الحسين من هو؟، وكان في هيئة ونضارة، فتجاهله هشام خشية أن يفتتن به أهل الشام، فقال الفرزدق: "من البسيط"

هذا ابن خير عباد الله كلهم ... هذا التقي النقي الطاهر العلم

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحل والحرم

إذا رأته قريش قال قائلها ... إلى مكارم هذا ينتهي الكرم

يكاد يمسكه عرفان راحته ... ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم

يغضي حياء ويغضي من مهابته ... فما يكلم إلا حين يبتسم

أين القبائل ليست في رقابهم ... لأولية هذا أو له نعم

من يعرف الله يعرف أولية ذا ... فالدين من بيت هذا ناله الأمم

تكرر اسم الإشارة في هذه الأبيات كما ترى، والأبيات محتفظة بقوتها وتأثيرها، والتكرار أسلوب حذر كما قدمنا لا يسلم من عثراته إلا صادق الموهبة، واسم الإشارة، كما يقول علي بن عبد العزيز، ضعيف في صنعة


١ النور: ١٦.

<<  <   >  >>