والعرب يقولون كما روى الجاحظ: لا ينبغي لعاقل أن يشاور أحدا من خمس: الغزال، والقطان، والمعلم، وراعي الضأن، والرجل الكثير المحادثة للنساء.
والمهم هو قوله: العبد المقر بذلة، فإنه لم يرد أن يقصر العبودية عليه كما لم يرد أن يقول: إنه معلوم مشهور بها، وإنما أراد معنى أدق وأوقع، أراد أن يقول: إنه كان يكون الشخص الذي تتمثل فيه العبودية في صورتها التامة، وكأنك لو أردت أن ترى ذلك الإنسان الذي تتمثل، وتتشخص فيه الذلة لوجدت ذلك الإنسان في الحجاج لولا بنو مروان، وهذا كما ترى أبلغ من كونه مشهورًا بها.. والمعول عليه في إدراك هذا المعنى الدقيق هو كما يقول عبد القاهر:"مراجعة النفسي"، "واستقصاء التأمل"، وهاتان الكلمتان مفتاح باب الفهم في هذا العلم، ويذكر عبد القاهر أن كلمة الذي تفيد هذا المعنى في كثير من مواقعها، فقول الشاعر:"من الطويل"
أخوك الذي إن تدعه لملمة ... يجبك وإن تغضب إلى السيف يغضب
تجد اسم الموصول فيها يعبر عن صفة عالية تتمثل في الأخ، كما تسمع العامة يقولون: هو الآخ وهو الصاحب.
ومثله قول الآخر:
أخوك الذي إن ربته قال: إنما ... أربت وإن عاتبته لان جانبه
قال عبد القاهر:"فهذا ونحوه على أنك قدرت إنسانا هذه صفته وهذا شأنه، وأحلت السامع على من يتعين في الوهم دون أن يكون قد عرف رجلا بهذه الصفة، فأعلمته أنا لمستحق لاسم الأخوة هو ذلك الذي عرفه حتى كأنك قلت: أخوك زيد الذي عرفت أنك إن تدعه لملمة يجبك".