عجيب الشأن، وله مكان من الفخامة النبل، وهو من سرح البيان الذي تقصر العبارة عن تأدية حقه، والمعول فيه على مراجعة النفس، واستقصاء التأمل".
وتأمل هذا الكلام واستق منه.
ومثال هذا النوع قولك: هو البطل المحامي، على معنى أن تقول للمخاطب: هو تصورت البطل المحامي، وكيف يكون الإنسان حتى يبلغ في هذه الصفة مبلغها الأعلى؟ إذا تصورت هذا في نفسك، ومثلته لفكرك فعليك بفلان فهو الذي تجد فيه هذه الصفة كما تصورتها، ومثله هو الحامي لكل حقيقة، والمترجي لكل ملمة، والدافع كل كريهة، قال العلوي: "كأنك قلت: هل تعقل الحامي والمرتجي وتسمع بهما، فإن كنت تعقل ذلك وتعرفه حقيقة معرفته، فاعلم أنه فلان فإني خبرته وجربته، فوجدته على هذه الصفة، فأشدد يدك به، فإنه ضالتك التي تنشدها، وبغيتك التي تقصدها".
نعم هو ضالة من يبحث في الخلال الكريمة عن مثلها العليا، وإن الله يحب مكارم الأخلاق.
وقد ذكر عبد القاهر في هذا قول ابن الرومي: "من الطويل"
هو الرجل المشروك في جل ماله ... ولكنه بالمجد والحمد مفرد
وعلق عليه بقوله: "كأنه يقول للسامع: فكر في رجل لا يتميز عفاته، وجيرانه ومعارفه عنه في ماله وأخذ ما شاءوا منه، فإذا حصلت صورته في نفسك، فاعلم أنه ذلك الرجل".
ومنه قول الفرزدق يهجو الحجاج: "من الطويل"
فلولا بنو مروان كان ابن يوسف ... كما كان عبدا من عبيد إياد
زمان هو العبد المقر بذلة ... يراوح أبناء القرى ويغادي
وكان الحجاج معلم صبية كما قالوا: وكان يلقب بكليب، قال شاعر: يعنيه: "من المتقارب"