تاج العروس ولا في القاموس، وأظن أنه ليس اسم شجر؛ لأن أسماء الشجر تكون في الغالب كلمات دوارة، وهذه كلمة ثقيلة لا يستطاب دورانها على الألسنة، إلا أن يكون شجرا كريها مرا، لا يطاق طعمه، كأنه هذه الكلمة التي لا يطاق النطق بها، والتي تحكي صوت المتقيئ، ولم لا يكون لفظا مخترعا للثقل، وأنه لا معنى له؟ وهم يخترعون كلمات للمعاياة، قال ابن الشميل في كلمة عهخع نقلا عن أبي الدقيش: أنها معياة ولا أصل لها.
وأبرز سبب يذكر لتنافر الحروف هو قرب مخارجها، أي أن تكون حروف الكلمة المتتابعة تخرج من مخارج قريبة جدا، وهذا -كما قالوا- يشبه مشي المقيد، أي أن أعضاء النطق بعد الفراغ من إخراج الصوت يضطرها الحروف الثاني إلى أن تعود إلى مخرج قريب جدا من الأول، وكان يسهل عليها أن تنتقل إلى مخرج أبعد، كأن تثب من الحق إلى اللسان مثلا، والمقيد ينقل قدمه ليضعها بعيد، ثم يثقله القيد فيضطر إلى أن يعود إلى موضع قريب جدا، والعرب يكرهون هذا، وقد بنيت لغتهم على الخفة، ولذلك تراهم يعمدون إلى إدغام الحرفين المتماثلين، والمتقاربين مثل شد وأصله شدد ومثل اضطر فإنها، وإن كتبت ضدا وطاء، فالنطق يجمعهما في صوت واحد مدغم، فإذا فصل بين الحرفين المتقاربين حرف زال الثقل، فالعرب لا يعرفون كلمة هخ بكسر الهاء وسكون الخاء، وهو حكاية صوت المتنخم أي الذي يدفع النخام من صدره، أو أنفه، وذلك لثقلها بقرب الهاء والخاء، فلما وقعت الياء بينهما، وفصل بين المخرجين تصرفت الكلمة وجرت على لسانهم، فقالوا: هيخ الإبل أي أناخها، والتهيخ إناخة الإبل، أو دعاء الفحل للضراب.
وقد ذكر البلاغيون في مثال تنافر الحروف كلمة مستشزرات أي مرتفعات في قول امرئ القيس:"من الطويل".