للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} ١، وقال الزمخشري: "فإن قلت: لم أخرت الصلة في قوله: وهو أهون عليه وقدمت في قوله: وهو على هين؟ يقصد ما جاء في قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا، قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا} ٢، قال الزمخشري: "قلت: هناك قصد الاختصاص، وهو محزه فقيل: هو علي عين، وإن كان مستصعبا عندكم أن يولد بين هرم وعاقر، وأما ههنا فلا معنى للاختصاص كيف، والأمر مبني على ما يعقلون من أن الإعادة أسهل من الابتداء، فلو قدمت الصلة لتغير المعنى".

وقد علق ابن المنير -وهو معروف بتحرشه بالزمخشري- على هذا يقوله: "كلام نفيس يستحق أن يكتب بذوب التبر لا بالحبر".

ويتفرع على هذا الأصل، وهو دلالة تقديم المعمول على الاختصاص أنه لا يقال: ما زيدا ضربت ولا غيره؛ لأن المفعول لما قدم وسلط عليه النفي أفاد نفي الحدث عهن هذا المفعول خصوصا، وذلك يعني أن الفعل ثابت وقولك: ولا يغيره يعني نفي الفعل، وهذا تناقض كما ترى، فإذا كان مرادك أنك لم تضرب زيدا ولا غيره، فالعبارة أن تقول: ما ذربت زيدا من غيره تقديم المفعول، فإذا قدمت المفعول كان المعنى على أنك لم تضرب زيدا ولكن غيره، وكذلك لا يقال: ما زيدا ضربت ولكن أكرمت؛ لأنك ما قدمت المفعول -كما قلنا- أفاد أنك تنفي الضرب عن زيد خصوصا، وهو واقع على غيره فلما قلت: ولكن أكرمت كان رجوعا على إثبات الفعل في الأول، وإنما يقال في مثل هذا: ما ضربت زيدا ولكن أكرمته، وهكذا.

وقد خالف العلامة أبو حيان في دلالة تقديم المعمول على الاختصاص،


١ الروم: ٢٧.
٢ مريم: ٨، ٩.

<<  <   >  >>