للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فعليه أن يراجع حقول المعرفة الأخرى التي تعتمده، وتقوم عليه، كحقل التفسير الذي أكد علماؤه أنه لايجوز الخوضش في إلا باستصحاب علمي المعاني والبيان، وأن كل العلوم الأخرى لا تغني غناءه إذا غاب، وكحقل الفقه واستنباط الأحكام الشرعية من كلام الله وكلام رسوله. واعتماد الفقهاء على هذا العلم أمر لا يجوز الاستشهاد له، لأنه أعرف وأشهر، وكحقل أصول الدين الذي ترجع خلافات علمائه فيما اختلفوا فيه إلى هذه الأصول البلاغية، ودلالات الصيغ والتراكيب، وكل ذلك يجعل العالم والجاهل لا يقدم على على القول بضرورة موته وإعدامه، ولهذا قلت إنه أقرب إلى عبث العابثين منه إلى كلام أهل العلم، إلا إذا كان المراد إطفاء الأضواء في هذهالحقول كها، يعني طمس الطريق الواصل إلى التفسير ومعرفة التأويل، وطمس الطريق الواصل إلى استنباط الأحكام الفقهية، وأيضا وأد علوم القرآن المؤسسة كلها تقريبا على هذا العلم، ونحن محتاجون إلى أن نتخلى عن عقولنا لنقتنع بأن هذا تجديد وتطوير، وأن علم الأسلوب المنتزع من غير العربية يمكن أن يكون أداة المفسر، والفقيه، والأصولي، وعالم العقائد، وأننبسط سلطانه أيضا على علوم القرآن، والمدهش أن هذا الهزل الفارغ يجد من يقبلونه، ويكررونه، بدلا من أن يردوه أو يسكتوا عنه، وأنا لم أرده قبل ذلك لأنه لا يرضاه إلا من لا قيمة لرضاه، ثم اضطرت إلى أن أنبه بهذا الكلام الظاهر تبرئة للذمة أمام هذا الجيل الذي تدمره أقلام لا تدري مغبة ما تكتب.

ولا يجوز أن أدع هذه المسألة من غير الإشارة إلى أمر يذهل ويضحك أيضا هو أن الذين يقولون إن البلاغة يجب أن تدفن في التراب، وتغرس شجرة علم الأسلوب في رفاتها، يطيلون ذيل الكلام في إكبار فكر

<<  <   >  >>