لابد أن يكون مستوعبا لمسائل هذا العلم، ومستخرجا من اللغة التي استخراج منها هذا العلم، ومؤديا الوظائف نفسها التي كان يؤديها هذا العلم، وأن نطمءن على قدرته على شرح طرائق العربية، وتحليل سننها في الإبانة عن معانيها قبل أن تئد هذه البلاغة التي قامت بهذه المهملة هذا الزمن الطويل، وإذا جاز لمن استخرجوا علم الأسلوب من لغاتهم وعلومهم، أن يقولوا هذا بناء على رؤيتهم، وأنهم حراص على لغاتهم، فلا يجوز لنا أن نقوله في بلاغتنا، وليس عندنا علم أسلوب، نعم يجوز لنا أن نقول هذا إذا قبلنا أن نكون ببغاوات تردد وتحكي ولا تعقل.
قلت أنني قرأت هذه وطرحته ثم فوجئت بهذا الكلام الفارغ يتكرر في كتب يدرسها أبناؤنا في جامعتنا.
والذي أعلمه ويعلمه كل من له عقل أن شأن الذي يحمل القلم ألا يكون متهورًا؛ وأنه يجب أن يكون حذرًا مترددا، وأن الأصل فيه أن يكون خبيرا بمفردات العلم الذي يتكلم فيه، وإذا رأى مفردة من هذه المفردات لا تيعن على فهم سر من أسراراللسان الذي هو منأهله عليه أيضا أن يتردد في الحكم على هذه المفردة بوجوب الإعدام، لاحتمال أن تكون لها فائدة غابت عنه، أما أن يحكم على علم كامل من ألفه إلى يائه، بالوأد فهذه ليس من شأن من يحمل القلم، لأن هذاالعلم كما قلت مستخرج من أوهامهم، وأو فسفاتهم، وإنما هو التقاط لوجود الدلالات، بعد وعي ومراجعة، لنصوص كثيرة وسياقات كثيرة وغير ذلك مما ساعد العلماء على وضع هذه القوانين واستخلاصها، والناظر في الكتب بعين باحث يرى سعة نظرهم ودقة ملاحظتهم، وطول مراجعتهم عند استنباط كل مسألة.
ثم إن هذا العلم وإن كان يراه لا يصلح في دراسة ما هو مشغول به