للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاجتناب الكذب في هذه الأمور من أركان العدالة، بل هو ركنها الأعظم (١).

وإذا ثبت في راوٍ أنه قد كذب في روايةٍ، أو ثبت في جارحٍ أنه قد تعمَّد جرحًا يعلم بطلانه، أو ثبت في معدِّل أنه قد تعمَّد تعديلًا يعلم بطلانه، فذلك كما لو ثبت في شاهد أنه قد تعمّد شهادة زور (٢).

فإذا نسب الأستاذ إلى إمام أو محدِّث أو راوٍ شيئًا مما ذكر جازمًا بالنسبة، فقد جزم بنفي الركن الأعظم من عدالته، فإن زعم أنه مع ذلك يبقى المنسوب إليه ذلك عدلًا مقبول القول والرواية فيما لم يتَّهِمه فيه فقد زعم أنه غير عدل، فإن اقتصر الأستاذ على الاتهام بما ذكر أو اعترف بأن جزمه بالنِّسْبة لم يكن عن دليل تقوم به الحجة، وإنما هو عن قرينة تورث التهمة، فاتهام المحدِّث أو الراوي بشيء مما ذكر يلزمه ظنُّ أنه ليس بعدل، بل في "النخبة" وشرحها (٣) ما يفيد أن التهمة بالكذب أشدّ من ثبوت الزنا ونحوه، كما مر في القاعدة الأولى (٤).

فقوله مع ذلك: إنه يبقى عدلًا مقبولًا [ص ١٨] في غير ما يتهمه فيه= حاصله: أنه يظنه عدلًا غير عدل. فإن اكتفى الأستاذ بالاحتمال بدون ترجيحٍ لأحد الطرفين لزمه أن لا يجزم بأن الرجل عدل ولا يظن، فإن قال مع ذلك:


(١) كتب المؤلف بعدها: "ظاهر ص ٢٠". يقصد أن بقية الكلام هناك.
(٢) كتب المؤلف فوق السطر: "الورقة الرابعة، الصفحة اليمنى".
(٣) "نزهة النظر" (ص ٨٨). وانظر ما سيأتي في التعليق على هذا الموضع.
(٤) (ص ٤٥). وانظر ما سلف (ص ٣٤ حاشية ٣).