للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العدول في القليل، ولا تقبل في الكثير، وفرعٌ للشافعي قد يتوهّم منه نحو ذلك، وما يقوله أصحاب الحديث في رواية المبتدع، وما يقوله بعضهم في جَرْح المحدِّث لمن هو ساخط عليه.

فأما الحكاية عن شَريك فمنقطعة، ولو ثبتت لوجب حملها على أن مراده القبول الذي تطمئن إليه نفسه.

[ص ٢٣] فإن القاضي قد لا يكون خبيرًا بعدالةِ الشاهدين وضَبْطِهما وتيقُّظِهما، وإنما عدّلهما غيرُه، فإذا كان المال كثيرًا جدًّا بقي في نفسه ريبة. وقد بَيَّن أهلُ العلم أن مِثل هذا إنما يقتضي التروِّي والتثبُّت، فإذا تروَّى وبقيت الحالُ كما كانت وجب عليه أن يقضي بتلك الشهادة، ويعرض عما في نفسه.

وأما الفرع المذكور عن الشافعي (١)، فليس من ذاك القبيل، وإنما هو من باب الاحتياط للتعديل، ومع ذلك فقد ردَّه إمامُ الحرمين، وقال: إن أكثر الأئمة على خلافه (٢).


(١) ذكر الشافعي في "الأم": (٦/ ٣٠٩) أنه ينبغي للقاضي إذا سأل عن الشهود مَن يطلب منه بيان حالهم أن يبين للمسؤول مقدار ما شهدوا فيه، قال: "فإن المسؤول عن الرجل قد يعرف ما لا يعرف الحاكم من أن يكون الشاهد ... وتطيب نفسه على تعديله في اليسير، ويقف في الكثير".
(٢) في "نهاية المطلب": (١٨/ ٤٩٢).