للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَقَدْ قَالَ سَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ كَمَا فِي الطِّبِّ مِنْ "صَحِيحِ البُخَارِيِّ" (١): "بَلَغَنِي أَنَّ الْحَجَّاجَ -يَعْنِي ابْنَ يُوسُفَ الثَّقَفِيَّ- قَالَ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه-: حَدِّثْنِي بِأَشَدِّ عُقُوبَةٍ عَاقَبَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَحَدَّثَهُ بِهَا، فَلَمَّا بَلَغَ الْحَسَنُ -يَعْنِي البَصْرِي- ذَلِكَ قَالَ: "وَدِدْتُ أَنَّهُ لَمْ يُحَدِّثْهُ".

وَبِالْجُمْلَةِ فَالشَّرْطُ مَعَ الْعَدَالَةِ وَالضَّبْطِ، وَالتَّمْيِيزِ بَيْنَ الْمَقْبُولِ وَالْمَرْدُودِ مِمَّا يَصِلُ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، وَبَيْنَ الرَّفِيعِ وَالْوَضِيعِ، وَعَدَمِ العَدَاوَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَالْمُحَابَاةِ الْمُفْضِيةِ لِلْعَصَبِيَّةِ الْمُعَبِّرِ بَعْضُهُمْ عَنْهُ بِتَجْنِيبِ الْغَرَضِ وَالْهَوَى الْفَهْمَ (٢) بِحَيْثُ لَا يَكُونُ جَاهِلًا بِمَرَاتِبِ الْعُلُومِ، سِيَّمَا الْفُرُوعُ وَالأُصُولُ، وَيَفْهَمُ الأَلْفَاظَ وَمَوَاقِعَهَا، خَوْفًا مِنْ إِطْلَاقِ أَلْفَاظٍ لَا تَلِيقُ بِالمُتَرْجِمِينَ، فَيَحْصُلُ التَّعَرُّضُ لَهُ بِالتَّنْقِيصِ وَالتَّعْزِيزِ (٣) الَّذِي يَشِينُ.

كَمَا اتَّفَقَ لِمُغَلْطَايْ مَعَ جَلَالَتِهِ (٤) ثُمَّ لِابْنِ دُقْمَاقَ مَعَ وَجَاهَتِهِ، فَقَدْ كَانَ حَسَنَ الِاعْتِقَادِ غَيْرَ فَاحِشِ اللِّسَانِ وَلَا الْقَلَمِ (٥). وَكَذَا لِابْنِ أَبِي حَجَلَةَ (٦) مَعَ كَوْنِهِ بِخُصُوصِهِ مَعْذُورًا، بَلْ كُلُّهُمْ مِمَّنْ تَعَصَّبَ الْعَدُوُّ عَلَيْهِمْ، وَنَصَبَ حَبَائِلَ الْحَسَدِ إِلَيْهِمْ.


(١) رقم: ٥٦٨٥.
(٢) في أ: والفهم.
(٣) في أ: التغرير، والمثبت من باقي النسخ.
(٤) انظر: ابن حجر، الدرر الكامنة، ٤/ ٣٥٢ - ٣٥٣.
(٥) انظر: ابن حجر، إنباء الغمر، ٢/ ٢٣٤.
(٦) هو: أحمد بن يحيى بن أبي بكر التلمساني، أديب ناظم ناثر (ت ٧٧٦ هـ). انظر: ابن حجر، الدرر، ١/ ٣٢٩ - ٣٣١.

<<  <   >  >>