للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحاصلُه: (أنَّ انْفِرادَ الحُسْنِ ذُوْ اصطِلاحِ) أي: أنَّ الحسنَ الواقعَ في سَنَدٍ، أَوْ متنٍ، هُوَ للمعنى (١) الاصطلاحيِّ المُشْتَرَطِ فِيهِ القصورُ عَنْ الصِّحَّة، (وإنْ يَكُنْ) أي: الحَدِيثُ (صَحَّ) أي: صَحِيْحاً، (فَليسَ يَلْتَبِسْ) حينئذٍ الجمعُ بينِ الوصفينِ، لحصولِ الحسن لا محالةَ تبعاً للصحَّةِ.

لأنَّ وجودَ الدرجةِ العُلْيا، كالحفظِ والإتقانِ، لا يُنافي وجودَ الدُّنيا، كالصدقِ وَعَدمِ التُّهمةِ بالكَذِبِ؛ فيصحُّ أَنْ يُقالَ في هَذَا: إنَّهُ حَسَنٌ باعتبارِ وُجودِ الصِّفةِ الدنيا، صَحِيْحٌ باعتبارِ وجودِ العليا (٢).

قَالَ: وعلى هَذَا (كُلُّ صَحِيْحٍ حَسَنٌ) و (لاَ يَنْعَكِسْ) أي: وليسَ كُلُّ حسنٍ صَحِيْحاً (٣).

وسبقَهُ إلى ذَلِكَ ابنُ الموَّاقِ (٤)، فَقَالَ: لَمْ يخصَّ التِّرْمِذِيُّ الحَسَنَ بصفةٍ تُميِّزُه عَنْ الصَّحِيحِ، فلا يكونُ صَحِيْحاً إلاَّ وَهُوَ غَيْرُ شاذٍّ، ورواتُه ثِقاتٌ، ولهذا لا يكادُ يقولُ في حديثٍ يُصَحِّحُهُ إلاَّ: ((حَدِيثٌ حَسنٌ صَحِيْحٌ))؛ فلا منافاةَ في الجَمْعِ بَينَهُما.

(و) لكنَّ ابنَ سيِّدِ الناسِ (٥)، وغيرَهُ، قَدْ (أوْرَدُوا) عَلَى ذَلِكَ (ما صَحَّ مِنْ) أحاديثِ (أفْرَادِ) أي: ليسَ لها إلاَّ إسنادٌ واحدٌ، (حيثُ اشْتَرطْنَا) كالتِّرْمذيِّ في الحَسَن (غَيْرَ مَا إسْنادِ)، بزيادةِ ((مَا)).

وحاصلُهُ: أنَّ التِّرْمِذِيَّ، وموافقِيهِ اشترطوا في الحسنِ أن يُرْوَى من غيرِ ما وجهٍ، بخلافِ الصَّحِيحِ، فانتفى أَنْ يكونَ كُلُّ صَحِيْحٍ حسناً، فالأفراد الصحيحةُ ليستْ حسنةً عندَهُ.


(١) في (ع) و (ص): ((المعنى)).
(٢) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٢١٢، والتقييد والإيضاح: ٦١.
(٣) الاقتراح: ١٧٥ - ١٧٦.
(٤) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٢١٢.
(٥) النفح الشذي ١/ ٢٩١، وشرح التبصرة والتذكرة ١/ ٢١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>