للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأجابَ عَنْهُ الناظِمُ: ((بإنَّ التِّرْمِذِيَّ إنَّما يشترطُ في الحسنِ ذَلِكَ، إذَا لَمْ يبلغْ رتبةَ الصَّحِيحِ، وإلاَّ فلا يَشْترِطهُ، بدليل قولِه كثيراً: ((هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيْحٌ غريبٌ))، فلما ارتفعَ إلى رتبةِ الصِّحَّةِ أثبتَ لَهُ الغرابةَ باعتبارِ فرديَّتِهِ)) (١).

هَذَا وَقَدْ أجابَ شيخُنا (٢) عَنْ أصلِ الإشكالِ: ((بأنَّ الحَدِيثَ إنْ كَانَ فرداً، فإطلاقُ الوصفينِ من المجتهدِ يَكُونُ لتردُّدِ أئِمَّةِ الحَدِيثِ في حالِ ناقلِهِ، هل اجتمعَتْ فِيهِ شُروطُ الصِّحَّةِ، أَوْ قصرَ عنها؟

فيقولُ فِيهِ: حَسَنٌ باعتبارِ وصفٍ عِنْدَ قومٍ، صَحِيْحٌ باعتبارِ وصفِهِ عِنْدَ قومٍ، غايتُه أنَّه حذفَ مِنْهُ حرفَ التردُّدِ؛ لأنَّ حقَّهُ أنْ يَقُولَ: ((حَسَنٌ أَوْ صَحِيْحٌ)).

وَعَلَيْهِ فما قِيلَ فِيهِ: ((حَسَنٌ صَحِيْحٌ)) دُوْنَ ما قِيلَ فِيهِ: ((صَحِيْحٌ))؛ لأنَّ الجزمَ أقوى مِنَ التردُّدِ.

وإنْ لَمْ يَكنْ فَرداً فالإطلاقُ يَكُونُ باعتبارِ إسنادينِ: أحدُهما صَحِيْحٌ، والآخرُ حَسَنٌ.

وَعَلَيْهِ: فما قِيلَ فِيهِ: ((حَسَنٌ صَحِيْحٌ)) فَوْقَ ما قيلَ فِيهِ: ((صَحِيْحٌ))؛ لأنَّ كثرةَ الطُّرُقِ تُقَوِّي)).


(١) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٢١٥. والذي يبدو لنا، عدم الخوض في تفسير ذلك، فإنه تعب ليس وراءه إربٌ، فالترمذي له اصطلاحاته الخاصّة به، بل إنّه قال: ((حسنٌ صحيحٌ)) على كثير من الأحاديث التي فيها مقال، فانظر الأحاديث: (٣٢٤) و (٣٥٦) و (٧٨٥) و (٨٧٣) و (٩٨٩) و (٩٠٢) و (١٨٥٣) و (١٨٥٤) و (١٨٥٨) و (١٩٢٤) و (٢٠٠٢) و (٢٠٣٩) و (٢٠٧٨) و (٢٩٢٣) و (٣٣٢٠).
لذا فإنّ عدداً من العلماء انتقد الترمذي وعدّه متساهلاً في تصحيح الأحاديث، منهم: الإمام الذهبي في مواضع من " الميزان "، انظر مثلاً: ٣/ ٤٠٧ و ٤/ ٤١٦، ونقل في ترجمة كثير بن عبد الله المزني من الميزان ٣/ ٤٠٧: أن العلماء لا يعتمدون على تصحيحه. وانظر: الجامع الكبير ١/ ٢٥ - ٣٢.
(٢) انظر: النزهة ٩٣ - ٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>