للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعِبارَةُ الحَاكِمِ: ((الأحاديثُ المُعَنْعَنَةُ التي لَيْسَ فِيها تَدْليسٌ مُتَّصلةٌ، بإجماعِ أئمةِ النَّقْلِ)) (١).

وَهذا عَلَيْهِ البُخاريُّ وغيرُهُ (٢).

(وَ) لكنْ (مُسْلِمٌ (٣) لَمْ يَشْرِطِ) في الحكمِ باتِّصالِهِ (اجتماعا) أي: لقاءً لَهُمَا، بَلْ أنكرَ اشتراطَهُ، وادَّعى أنَّه قَوْلٌ مخترعٌ، لَمْ يُسْبَقْ قائلُهُ إِليهِ، وأنَّ القَوْلَ الشائعَ المتَّفقَ عَلَيْهِ بَيْن أَهْلِ العِلْمِ بالأخبارِ مَا ذَهَبَ هُوَ إِليهِ (٤). (لكِنْ) اشْتَرطَ (تَعاصُراً) لَهُما، وإنْ لَمْ يأتِ في خَبَرٍ قَطُّ، أنَّهُما اجْتَمَعَا، أَوْ تَشَافَها (٥).

قَالَ ابنُ الصَّلاحِ: ((وَفيمَا قَالَهُ نَظَرٌ (٦) أي: لأنَّهم كَثيراً مَا يُرسِلون مِمَّنْ عَاصَروهُ، وَلَمْ يَلْقَوْهُ (٧)، فاشتُرِطَ لقيُّهما؛ لتُحمَلَ الْعَنْعَنَةُ عَلَى السَّمَاعِ.

(وَقِيلَ): إنَّهُ (يُشْتَرطْ طُوْلُ صَحَابَةٍ) بَيْنَهُمَا، قالَهُ ابنُ السَّمْعَانِيِّ (٨).

(وَبَعْضُهُم)، وَهُوَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانيُّ (٩) (شَرَطْ مَعْرِفَةَ الرَّاوِي) المُعَنْعَن


(١) معرفة علوم الحديث: ٣٤.
(٢) انظر: النكت لابن حجر ٢/ ٥٩٥.
(٣) الجامع الصّحيح ١/ ١٣ - ٢٦.
(٤) انظر: إكمال المعلم١/ ١٦٤، وقد عزاه الإمام النّوويّ في التقريب: ٦٠إلى المحققين، وقال في شرحه لصحيح مسلم١/ ٢٥: ((والصّحيح الذي عليه وقاله الجماهير من أصحاب الحديث والفقه والأصول أنه متّصل ... )).
وقال ابن حجر في النكت٢/ ٥٩٥: ((وهذا المذهب هو مقتضى كلام الشّافعيّ - رضي الله عنه -)). وبه قال ابن
عبد البر، كما في التمهيد ١/ ٢٦، وانظر: الرسالة للشّافعيّ: ٣٧٨ - ٣٧٩ (١٠٣٢).
(٥) الجامع الصّحيح ١/ ١٣ - ٢٦، وانظر: شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٢٨٢.
(٦) انظر: معرفة أنواع علم الحديث: ١٦٩، والنكت لابن حجر ٢/ ٥٩٦.
(٧) وهكذا قال البقاعي في النكت الوفية: ١٣٠/ ب.
(٨) انظر: قواطع لأدلة ١/ ٣٧٤، ومعرفة أنواع علم الحديث: ١٦٩، والإرشاد ١/ ١٨٧.
(٩) نقله عنه ابن الصلاح في معرفة أنواع علم الحديث: ١٦٩.
قلنا: في النقل عن أبي عمرو الداني: اضطراب، فهذا الذي حكاه المصنف عنه نقله ابن الصلاح: ١٦٩، في حين أنّه نقل عنه سابقاً في: ١٦٣ - ١٦٤ أنّ العنعنة تحمل على الاتصال بشرط تحقق اللقاء ولو مرّة. بينما نقل ابن رشيد في السنن الأبين: ٣٠ بأنّ مذهبه حمل العنعنة على الاتصال بشرط أن يكون الراوي قد أدرك من عنعن عنه إدراكاً بيناً، ونقل عنه في: ٣٦ ما يدلّ على أنّ مذهبه بأن تحمل العنعنة على الاتّصال، إذا ثبت كون المعنعن والمعنعن عنه كانا في عصرٍ واحدٍ، وكان لقاؤهما ممكناً فالله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>