للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: الْخُطبةَ التي سَمِعَهَا مِنْهُ - صلى الله عليه وسلم - يومَ فَتَحِ مَكَّةَ.

(وكَتْبِ السَّهْمِيْ) مِن زيادتِهِ -، أي: وَلكتب عَبْدِ اللهِ بنِ عمرِو بنِ العَاصِ السَّهميِّ، نِسْبةً لِسَهْمِ بنِ عَمْرِو بنِ هصيصٍ، كَمَا رَواهُ البُخَارِيُّ (١) مِن قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ: ((مَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَحَدٌ أكْثَرَ حَدِيثاً منِّيْ إلاَّ مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بن عَمْرٍو، فإنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ وَلاَ أكْتُبُ)).

وكَمَا (٢) رَواهُ أَبُو داودَ (٣) مِن قَوْلِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو: ((يا رَسُوْلَ اللهِ! أكْتُبُ مَا أسْمَعُهُ مِنْكَ فِيْ الْغَضَبِ وَالرِّضَى؟ قَالَ: نَعَمْ فَإنِّيْ لاَ أقُوْلُ إلاَّ حَقَّا)).

وَجَمَعُوا بَيْنَ الأدِلَّةِ، بأنَّ النَّهيَ مُتَقَدِّمٌ، والإذنَ ناسِخٌ لَهُ.

وبحملِ النَّهْي عَلَى وقتِ نِزولِ القُرْآنِ خَشيةَ الْتِباسِهِ بِغَيْرِهِ.

أَوْ عَلَى مَن تَمَكَّنَ مِنَ الحِفْظِ.

أَوْ عَلَى مَن خَشِيَ مِنْهُ الاتِّكالَ عَلَى الكِتَابِ دُوْنَ الْحِفْظِ.

أَوْ عَلَى كِتَابَةِ غَيْرِ القُرْآنِ مَعَ القُرْآنِ فِي شيءٍ واحدٍ؛ لأنَّهم كَانوا يَسْمَعُونَ تأويلَهُ فربَّما كَتَبُوهُ مَعَهُ؛ فنُهوا عَنْ ذَلِكَ خوفَ الاشتباهِ.


(١) صحيح البخاريّ ١/ ٣٩ (١١٣). قال الحافظ العراقي في شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ١٩٩: ((وهذا الاستدلال من الزوائد على ابن الصّلاح ممّا لم أميزه من كلامه)).
(٢) في (م): ((كما)) بدون واو.
(٣) أبو داود (٣٦٤٦)، وأخرجه أحمد ٢/ ١٦٢ و ١٩٢، وأخرجه الخطيب في تقييد
العلم: ٨٠، والمزي في تهذيب الكمال ٧/ ٤٧٥ من طريق الإمام أحمد بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة (٢٦٤١٩)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم: ٨٩ - ٩٠، والحاكم ١/ ١٠٥ - ١٠٦.
قال ابن القيم في " تهذيب مختصر سنن أبي داود " ٥/ ٢٤٥: ((قد صحّ عن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - النهي عن الكتابة والإذن فيها، والإذن متأخرٌ، فيكون ناسخاً لحديث النهي، فإن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال في غزاة الفتح: ((أكتبوا لأبي شاه)) يعني خطبته التي سأل أبو شاه كتابتها، وأذن لعبد الله ابن عمرو في الكتابة، وحديثه متأخر عن النهي، لأنه لم يزل يكتب، ومات وعنده كتابته، وهي الصحيفة التي كان يسميها " الصادقة " ولو كان النهي عن الكتابة متأخراً لمحاها عبد الله، لأمر النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بمحو ما كتب عنه غير القرآن، فلما لم يمحها وأثبتها، دلّ على أن الإذن في الكتابة متأخّر عن النهي عنها، وهذا واضح. والحمد لله)).

<<  <  ج: ص:  >  >>