للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ يَحْيَى بنُ أَبِي كثيرٍ: ((لا يُنَالُ العِلْمُ بِرَاحَةِ الْجَسَدِ)) (١).

وعَن الشَّافِعِيِّ: ((لا يَطْلبُ هَذَا العِلمَ مَنْ يطلبُهُ بالتَّمَلُّلِ - وفي رِوَايَةٍ بالْمَلَلِ - وغنَى النَّفْسِ فيُفْلِحُ، ولكِنْ مَنْ طلبَهُ بِذِلَّةِ النَّفْسِ، وضِيقِ العَيشِ، وخدمةِ العلمِ: أفْلَحَ)) (٢).

(وابْدَأْ بِعَوالِي) شُيوخِ (مِصْرِكا) أي: بِأخْذِهَا عَنْهُمْ، والزمِ العُكُوفَ عَلَيْهِمْ حَتَّى تَسْتَوْفِيَها، (وَ) ابدأْ مِنْهَا (مَا) أي: بِمَا (يُهِمُّ) - بِضَمِّ اليَاءِ - من ذَلِكَ، وَغَيْرِهِ، كَمَرْويٍّ انْفَرَد بِهِ بَعْضُهُمْ.

قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: ((مَنْ شَغَلَ نَفْسَهُ بغيرِ الْمُهِمِّ، أضَرَّ بالْمُهِمِّ)) (٣).

وإن اسْتَوَى جَمَاعَةٌ في السَّنَدِ، وَأَرَدْتَ الاقْتِصَارَ عَلَى أحَدِهِمْ، فاخْتَرْ الْمِشْهُورَ مِنْهُمْ في طَلَبِ الْحَدِيْثِ، والْمُشَار إِلَيْهِ بِالإتْقَانِ فِيْهِ والْمَعْرِفَةِ لَهُ (٤).

فإنْ تَسَاوَوْا في ذَلِكَ أَيْضاً، فالأشْرَاف، وذَوِي الأنْسَابِ مِنْهُمْ، فإنْ تَسَاوَوْا في ذَلِكَ أَيْضاً، فَالأَسَنُّ (٥).

(ثُمَّ) بَعْدَ اسْتِيفَائِك لأخذِ مَا بِمِصْرِكَ مِنْ مَرْويِّ شُيُوخِهَا (شُدَّ الرَّحْلا)، أَوْ امْشِ، أَوْ ارْكَبِ البَحْرَ حَيْثُ اسْتَطَعْتَ، وَغلَبَتْهُ السَّلامَةُ (لغَيْرِهِ) أي: لغيرِ مِصرِكَ مِنَ البُلْدَانِ، وغيرِهَا؛ لِتَجْمعَ بَيْنَ عُلُوِّ الإسْنادَيْنِ وعلم الطَّائِفَتَيْنِ.

وَلِخَبَرِ: ((مَنْ سَلَكَ طَرِيْقاً يَلْتَمِسُ فِيْهِ عِلْماً، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيْقاً إِلَى الْجَنَّةِ)) (٦).


(١) ساقة مسلم في صحيحه في موضع بعد أن ذكر المتابعات والطرق ١/ ٤٢٨ رقم (١٧٥) طبعة محمد فؤاد، وهو في مدخل البيهقي: ٢٧٧، وكذلك في جامع بيان العلم وفضله ١/ ١٠٩ بألفاظ متقاربة.
(٢) الحلية ٩/ ١١٩، والمحدث الفاصل ص ٢٠٢ الفقرة (٨٤)، وجامع بيان العلم ١/ ٩٨، وللخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه٢/ ٩٤ عدد من الأخبار عن الشافعي بنحو هَذَا المعنى.
(٣) الجامع لأخلاق الرّاوي ٢/ ١٦٠ (١٤٨٥).
(٤) الجامع ١/ ١٢٦ عقب (١٢٥).
(٥) الجامع ١/ ١٢٧ عقب (١٢٧).
(٦) جزء من حديث طويل رواه أبو خيثمة في العلم (٢٥)، وابن أبي شيبة (٢٦١٠٨)، وأحمد ٢/ ٢٥٢ و٣٢٥ و٤٠٦، والدارمي (٣٥١)، ومسلم ٨/ ٧١ (٢٦٩٩)، وأبو داود (١٤٥٥) و (٣٦٤٣)، وابن ماجه (٢٢٥)، والترمذي و (٢٦٤٦) و (٢٩٤٥)، وابن حبّان (٨٤)، والحاكم في المستدرك ١/ ٨٨ - ٨٩= = وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله ١/ ١٣ - ١٤، والبغوي في شرح السنة (١٢٧) و (١٣٠)، كلهم من طرق عن الأعمش عن أبي صالح، عن أبي هريرة. به.

<<  <  ج: ص:  >  >>