للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ رَحَلَ جَابرُ بنُ عَبْدِ اللهِ إِلَى عَبْدِ اللهِ بنِ أنِيسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - مَسِيْرَةَ شَهْرٍ في حَدِيْثٍ وَاحِدٍ (١).

وإذ رحَلْتَ فاسْلُك مَا سلَكْتَهُ في مِصْرِكَ مِنَ الابتِداءِ بالأهمِّ فالأَهَمِّ، (ولا تَسَاهَلْ) - بفتحِ التَّاء - (حَمْلاَ) أي: ولا تَتَسَاهَلْ في التَّحَمُّلِ، وَالسَّمَاعِ، بِحَيْثُ تُخِلُّ بِمَا عَلِيْكَ. ولا تَشْتَغِلْ في الغربةِ إلا بِمَا تَسْتَحِقُّ لأجْلِهِ الرِّحْلَة، فشهوةُ السَّمَاعِ - كَمَا قَالَ الْخَطِيْبُ (٢) - لا تَنْتَهِي، والنَّهْمَةُ من الطَّلَبِ لا تَنْقَضِي، والعِلْمُ كالْبِحَارِ الْمُتَعَذَّرِ كَيْلُهَا، والْمَعَادِنِ التِي لا يَنْقَطِعُ نَيْلُهَا (٣).

(واعملْ بِمَا تَسْمَعُ) بِمِصْرِكَ، وغيرِهَا مِنَ الأحَادِيْثِ التِي يُعْمَلُ بِهَا (في الفَضَائِلِ) والتَّرْغِيباتِ، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَجُلاً قَالَ: ((يا رَسُوْلَ اللهِ! ما يَنْفِي عَنِّي حجَّةَ الْجَهْلِ؟ قَالَ: العِلْمُ. قَالَ: فَمَا يَنْفِي عَنِّي حجَّةَ العِلْم؟ قَالَ: العَمَلُ)) (٤).

وَقَالَ (٥) إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْمَاعِيْلُ بنِ مجمَّعٍ: ((كنَّا نَسْتَعِينُ عَلَى حِفْظِ الْحَدِيْثِ بالعَمَلِ بِهِ)) (٦).

وَقَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ: ((مَا كَتَبْتُ حَدِيْثاً إلاَّ وَقَدْ عَمِلْتُ بِهِ، حَتَّى مَرَّ بِي في الْحَدِيْثِ أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - احتَجَمَ، وأعْطَى أبَا طيبةَ دِيْنَاراً (٧)، فأعْطَيتُ الْحَجَّامَ دِيْنَاراً حِيْنَ احْتَجَمْتُ)) (٨).


(١) انظر: الرحلة في طلب الحديث: ١٠٤.
(٢) انظر: الجامع لأخلاق الرّاوي ٢/ ٢٤٥ عقب (١٧٤٠).
(٣) لم ترد في (ق).
(٤) أخرجه الخطيب في اقتضاء العلم العمل: ٤ من حديث عليّ - رضي الله عنه -. وانظر: فتح الباري ١/ ١٨٠ و ٧/ ٤١ و ١٢/ ٣٩٣ و ٤١٧.
(٥) في (م) و (ع) زيادة: ((الشعبي ووكيع و)).
(٦) الجامع لأخلاق الرّاوي ٢/ ٢٥٩ (١٧٨٩).
(٧) هذا الحديث اتفق على إخراجه الشيخان، البخاري ٣/ ٨٢ (٢١٠٢) و ٣/ ١٠٣ (٢٢١٠) و ٣/ ١٢٢ (٢٢٨١) و ٧/ ١٦١ (٥٦٩٦). ومسلم ٥/ ٣٩ (١٥٧٧). وهو في مسند أحمد ٣/ ١٠٠ و ١٠٧ و ١٨٢، وانظر تخريجاً له موسعاً في كتاب " شمائل النبي - صلى الله عليه وسلم - " برقم (٣٦٠).
(٨) أورده الذهبي في السّير ١١/ ٢١٣ وصدّره بقوله: ((وقال المرّوذي: قال لي أحمد ... )).

<<  <  ج: ص:  >  >>