فهذا قد يختلف من قوم إلى قوم، ومن مكان إلى مكان، والضابط فيه هو مخاطبتهم بالقدر من تحقيق التوحيد، الذي يبرأون به من الكفر الذي هم واقعون فيه، ولكن هذا القدر لا يكون مطالبًا به كل الطوائف من المشركين إلاَّ من وقع منهم في مثل ما وقع فيه المشركون من قوم هذا «العالم» تمامًا.
وهذا يستلزم الاجتهاد من قبل الراسخين في العلم لتحديد المناط الذي من أجله خاطب هذا «العالم» قومه بوجوب تكفير المشركين حتى يصح لهم أصل دينهم.
فقد يكون قد قام بقومه من قواطع أعلام الكفر، من عبادة غير الله، وإنكار البعث، والاستهزاء بالشرائع، مع قيام الحجة عليهم بقدر لا يبقي عذرًا لواحد من العوام، فضلا عن الخواص في عدم تكفيرهم.
فقد تحدث الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله تعالى - عن طوائف من قومه أنهم قد أقروا بأن ما يدعوهم إليه دين الله، وأن ما هم عليه هو الشرك الذي جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنهي عنه، ثم بعد ذلك لا يرفع أحدهم رأسًا ولا يعبأ بتغيير ما هو عليه من الشرك والكفر بدين الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
فهذا مثلاً من المناطات التي يجب على كل موحد تكفير من كان واقعًا في مثله، وإلا وقع هو في الردة عن أصل الملة.
ولكن هذا لا يعطينا الحق في مطالبة كل مسلم بتكفير كل من أشرك بالله من هذه الأمة، وإلا اعتبرناه كافرًا مثلهم.