وقال الإمام ابن حزم -رحمه الله تعالى-: «والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض على كل مسلم إن قدر بيده فبيده، وإن لم يقدر بيده فبلسانه وإن لم يقدر بلسانه فبقلبه ولابد، وذلك أضعف الإيمان، فإن لم يفعل فلا إيمان له».
ومن خاف القتل أو الضرب أو ذهاب المال، فهو عذر يبيح له أن يغير بقلبه فقط، ويسكت عن الأمر بالمعروف وعن النهي عن المنكر فقط.
ولا يبيح له ذلك: العون بلسان، أو بيد على تصويب المنكر أصلاً، لقول الله تعالى:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ}[الحجرات: ٩].
وقال عز وجل:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[آل عمران: ١٠٤](١)».
قلت: ومن هذا نتيقن أن مراتب إنكار المنكر ثلاث، أولها باليد فإن لم يستطع العبد كان الإنكار باللسان، فإن لم يستطع كان الإنكار بالقلب ولا بد، لأنه فرض لازم لا يسقط عن أي أحد ألبتة، وإلا فعدم بغض المعصية المجمع على حرمتها بالقلب مؤذن بذهاب الإيمان بالكلية، إذ لا إيمان لمن لم ينكر