للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(الشرك قبل قيام الحجة ذنب وسيئة وتجب التوبة منه بعد قيامها):

فأول شرك وقع على وجه الأرض كان بسبب الغلو في الصالحين، فأرسل الله نوحًا -عليه السلام- لينذر قومه ويحذرهم العذاب الأليم على فعل الشرك، وأمرهم بالتوبة منه، وبين لهم أنه ذنب عظيم تجب التوبة منه، حتى ولو وقع هذا الذنب بسبب الجهل وعدم العلم.

وهكذا الأمر في كتاب الله من أوله إلى آخره، تخاطب الرسل أقوامها الذي عبدوا غير الله على أنهم مشركون، من قبل أن تقام عليهم الحجة، وتطالبهم بالتوبة من هذا الذنب العظيم، ولو كان أصحابه متردين في ظلمات الجهل، ويحسبون أنهم بفعله مهتدون، إلا أن العقاب على الشرك لا يكون إلا بعد قيام الحجة الرسالية.

قال الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى: في بيان أن فعل الشرك ذنب عظيم، حتى ولو لم تقم الحجة على أصحابه، وأنه تجب التوبة منه بعد قيام الحجة، لأن حسن التوحيد وقبح الشرك أمر ثابت في النفوس، ومعلوم بالعقل.

قال رحمه الله تعالى: «وأيضًا أمر الله الناس أن يتوبوا ويستغفروا مما فعلوه -أي قبل مجيء الرسالة- فلو كان كالمباح المستوي الطرفين، والمعفو عنه، وكفعل الصبيان والمجانين، ما أمر بالاستغفار والتوبة، فعلم أنه

<<  <   >  >>